المسانيد، وأصبح الإحاطة بجملة الأحاديث والآثار مع هذا العدد الهائل من المصنفات أمر لا يستطيعه إلا نوادر الأئمة خصوصًا مع ضعف الهمم، وطول الأسانيد. لذا التفت الأئمة إلى تقريب السنة بين يدي الأمة، وتيسير الوصول إليها، فصنفوا الجوامع وكتب الأطراف فاجتمع الشمل بعد التفرق، ومن أهم كتب الجوامع (جامع الأصول) لابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ)، جمع فيه أحاديث الصحيحين والسنن الثلاث مع الموطأ، كما أن من أهم كتب الأطراف -وهي جمع أطراف الحديث في مكان واحد- (تحفة الأشراف) للمزي، ضمنه أطراف الستة مع تعاليق البخاري وشمائل الترمذي، وعمل اليوم والليلة للنسائي، والمراسيل لأبي داود.
إن الاهتمام بهذه الكتب لا يعني أنها جمعت كل السنة، أو أن كل ما فيها صحيح. وإنما لكونها تحوي جل الأحاديث وأصولها، وجلالة أصحابها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، بيد أن في غيرها ما ليس فيها، ولذا هب العلماء لجمع هذه الزوائد ليتكامل الجهد، وبدأت هذه الفكرة تؤتي ثمارها البارزة في مطلع القرن الثامن، والذي بدأت تشرق فيه دراسة الحديث وتدريسه بعد فترة من الركود، وإن للإمام العراقي (ت ٨٠٦هـ) أثر بالغ في صرف تلاميذه إلى هذا الشأن، أمثال الهيثمي (ت ٨٠٧ هـ)، والبوصيري (ت ٨٤٠ هـ)، وصاحبنا الحافظ ابن حجر، ففاق الأول الأخيرين، وصار علمًا في هذا الفن، فريدًا، لكثرة مصنفاته فيه، ومن أهمها (مجمع الزوائد) جمع فيه زوائد ست أمهات، من أهم المصادر بعد الكتب الستة، وهي مسانيد أحمد وأبي يعلى والبزار، ومعاجم الطبراني الثلاثة: الكبير، والأوسط، والصغير. كما قام صاحباه باستخراج زوائد عشرة مسانيد في كتابيهما (إتحاف الخيرة) و (المطالب العالية)، وهي