للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وبعد: فإن أهمّ ما صرفت إليه الهمم -بعد كتاب الله- سنة نبيه الأمين -صلى الله عليه وسلم-، وعلى آله وأصحابه أجمعين، إذ هي المصدر الثاني للتشريع الإِسلامي، وهي الشارحة لكلام ربّ العالمين، لذا فإن الاشتغال بها:

متونًا وأسانيد -رواية ودراية-، من خير ما بُذلت فيه الأعمار، وصرفت فيه ساعات الليل والنهار، خاصة في مثل هذه الأعصار، التي كثر فيها الأشرار، وقلّ الأخيار، وانهمك الناس -إلَّا القليل- في العلوم التي لا جدوى من ورائها , ولا فائدة في قليلها وكثيرها، ويصدق فيها أن يقال: الجهل بها هو العلم حقًّا.

وإنَّ من فضل ربنا علينا -نحن المسلمين- أن هيَّأ لنا من ينذر نفسه لخدمة السنَّة ودراستها، وتمييز صحيحها من سقيمها، وتجد ذلك في كل عصر، حتى تركوا لنا تراثًا ضخمًا من المصنفات في مختلف أنواع العلوم المتعلقة بالسنَة الغرّاء، وتناقله العلماء الثقات ذوي العقول السليمة، والأيدي الأمينة حتى وصل إلينا مصفّى من كل دخيل.

وكان من أولئك الذين نذروا أنفسهم لخدمة السنَّة، الجِهْبِذ البصير، والناقد النحرير، مفيد شيوخه، وشيخ أقرانه، وحافظ زمانه، وإمام أوانه أحمد بن علي بن حجر العسقلاني فصنَّف الكثير من الكتب في هذا العلم وكان من بين تلك المصنفات كتابه الموسوم بـ"المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية".

<<  <  ج: ص:  >  >>