(فصل) والماء النجس لا يجوز استعماله بحال إلا لضرورة ولم يحضره طاهر، ويجوز بلّ التراب به وجعله طينًا يطين به ما لم يصل عليه (١) ومتى تغير الماء بطاهر ثم زال عادت طهوريته، ما تغير بنجاسة في غير محل تطهير فنجس. وله استعمال الماء الذي لا ينجس إلا بالتغير ولو مع بقاء اننجاسة فيه وبينه وبينها قليل، ويحكم بطهارة الملاصق للنجاسة إذا كان كثيرا (٢)، فإن لم يتغير الذي خالطته النجاسة وهو يسير فنجس (٣)، وعنه لا ينجس إلا بالتغير (٤)، وما انتضح من ماء قليل نجس فنجس (٥). والماء الجارى كالراكد إن بلغ مجموعه قلتين دفع النجاسة إن لم
يتغير (٦) فلا اعتبار بالجرية (٧)، وعنه كل جرية من جار
(١)(ما لم يصل عليه) لأنه لا يتعدى تنجيسه، ولا يجوز أن يطين به مسجد.
(٢)(إذا كان كثيرًا) لأن تباعد الأقطار وتقاربها لا عبرة به، إنما العبرة بكونه كثيرًا أو قليلًا.
(٣)(فنجس) وهو ظاهر المذهب، روي ذلك عن ابن عمر وهو قول الشافعى وإسحق، لحديث ابن عمر "سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الماء يكون بالفلاة با ينوبه من الدواب والسباع، فقال: إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء" وفى رواية "لم يحمل الخبث" رواه الخمسة والحاكم وقال: على شرط الشيخين. وقال: وما اتضح من ماء قليل نجس فنجس. وقال الخطابي: ويكفي شاهدًا على صحته أن نجوم أهل الحديث صححوه، لأنه عليه السلام أمر بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب ولم يعتبر التغير.
(٤)(إلا بالتغير) روي عن حذيفة وابن عباس وأبي هريرة والحسن، وهو مذهب مالك والثوري وابن المنذر، وروى أيضًا عن الشافعي، وهو اختيار ابن عقيل والشيخ لحديث بئر بضاعة صححه أحمد وحسنه الترمذي، ويعضده حديث أبي أمامة مرفوعًا "الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه" وتقدم، وجوابه حمل المطق على المقيد فينجس القليل بمجرد الملاقاة مضى زمن تسري فيه النجاسة أم لا.
(٥)(فنجس) لأنه بعض المتصل بالنجاسة، علم أن ما انتضح من كثير طهور.
(٦)(إن لم يتغير) هذا وإن كانت الجرية دونهما.
(٧)(بالجرية) وهي ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها ويمنة ويسرة إلى قرار النهر، سوى ما وراها الذى لم يصل إليها وما أمامها الذى لم تصل إليه.