كمنفرد (١). فمتى امتدت نجاسة بجار فكل جرية نجاسة مفردة (٢) قال في الكافى، وجعل أصحابنا المتأخرون كل جرية كالماء المنفرد، قال الأصحاب: فيفضى إلى تنجس نهر كبير بنجاسة قليلة لا كثيرة لقلة ما يحاذي القليلة، إذ لو فرضنا كلبًا في جانب نهر وشعرة منه في جانبه الآخر لكان ما يحاذيها لا يبلغ قلتين لقلته فينجس المحاذى للكلب يبلغ قلالا كثيرة فلا ينجس وهذا ظاهر الفساد، والمذهب أن الجاري كالراكد يعتبر مجموعه، فإن بلغ قلتين لم ينجس إلا بالغير وإن كانت الجرية دونهما، ولو غمس الإناء في ماء جار فهى غسلة واحدة (٣).
وينجس كل مائع (٤) كل طاهر بملاقاة نجاسة وإن كثر (٥)، وعنه حكمه حكم الماء وفاقًا لأبى حنيفة. وإن وقعت نجاسة في مستعمل في رفع حدث أو في طاهر من ماء غيره لم ينجس كثيرهما بدون تغير (٦)، ويحتمل أن ينجس (٧) وإذا انضم إلى الماء النجس طهور كثير طهره ولو لم يتصل الصب أو جرى إليه من ساقيه أو نبع.
ولا يطهر بإضافة يسير ولو زال التغير، ويتخرج أن يطهر (٨)، والصحيح من المذهب الأول، وإن كان المتنجس دون القلتين وأضيف إليه ماء طهور دون القلتين وبلغ المجموع قلتين فظاهر كلام المصنف عدم التطهير، وفيه وجه يطهر وصوبه في الإنصاف. وإن اجتمع من نجس وطهور وطاهر قلتان
(١)(كمنفرد) إن كانت دون القلتين فينجس بمجرد الملاقاة على هذه الرواية.
(٢)(مفردة) وذكر المصنف هذه الرواية لقوتها وتشهيرها، وذكر ما بنى عليها لينبه أنه مبني عليها لا على المذهب.
(٣)(غسلة واحدة) ولو مر عليه جريات كما لو حركه في الماء الراكد الكثير، وكذا لو كان ثوبًا ونحوه وعصره عقب كل جرية فواحدة.
(٤)(كل مائع) قليلًا كان أو كثيرًا كزيت وسمن وخل وعسل بملاقاة نجاسة ولو معفوًا عنها كيسير الدم لحديث الفأرة.
(٥)(وإن كثر) كماء ورد ونحوه من المستخرجات بالعلاج قياسًا على السمن.
(٦)(بدون تغير) كالطهور على الصحيح من المذهب، وقدمه في المغني وشرح ابن رزين وابن عبيدان وصححه ابن منجا.
(٧)(ويحتمل أن ينجس) وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما في الشرح، ووجه الأول عموم حديث "إذا بلغ الماء قلتين" وجوابه أنه غير مطهر فأشبه الخل.
(٨)(ويتخرج أن يطهر) وجزم به في المستوعب وغيره، وهو وجه لبعض الأصحاب.