كلامهم (١) خلافًا لابن المعالى. والمعتبر نية المسافة لا وجود حقيقتها، ومن لم يعلم قدر سفره كمن خرج في طلب آبق أو ضالة ناويًا أن يعود أين وجده لم يقصر حتى يجاوز المسافة، ولو مر بوطنه أو بلد له فيه امرأة أو تزوج فيه أتم (٢). وأهل مكة ومن حولهم إذا ذهبوا إلى عرفة ومزدلفة ومنى ليس لهم قصر ولا جمع فهم في المسافة كغيرهم، قال في الشرح: وإن كان الذي خرج إلى عرفة في نية الإقامة إذا رجع لم يقصر بعرفه، لكن قال أحمد فيمن كان مقيما بمكة ثم خرج إلى الحج وهو يريد أن يرجع إلى مكة فلا يقيم بها فهذا
يصلى ركعتين بعرفة (٣). والقصر رخصة (٤) وهو أفضل من الإتمام نص عليه (٥) وإن أتم جاز ولم يكره (٦) ولا يترخص في سفر معصية بقصر ولا فطر ولا أكل ميتة (٧). وقال الأوزاعي والثوري: له ذلك وبقصر من المباح أكثر قصده (٨).
(١)(في ظاهر كلامهم) لأنهم ابتدءوا السفر وفارقوا قريتهم.
(٢)(أتم) حتى يفارق البلد الذي تزوج فيه لحديث عثمان سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "من تأهل في بلد فله صلاة المقيم" رواه أحمد، بخلاف ما لو فارقها قبل إحداث ذلك السفر نقله الخلوتي.
(٣)(بعرفة) ومزدلفة ومنى، لأنه حين خرج من مكة أنشأ السفر إلى بلده.
(٤)(والقصر رخصة) لأن سلمان بين أن القصر رخصة بمحضر اثنى عشر صحابيًّا رواه البيهقي ويؤيده حديث "صدقة تصدق الله بها".
(٥)(نص عليه) وهو قول أكثر العلماء، إلا الشافعى في حد قوليه، لأنه عليه الصلاة والسلام داوم عليه وكذا الخلفاء الراشدون من بعده، وروى أحمد عن عمر "إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته".
(٦)(جاز ولم يكره) روى عن علي وابن مسعود وعثمان وعائشة، وبه قال الأوزاعي والشافعى، لحديث يعلي قالت عائشة "أتم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقصر" رواه الدارقطى وصححه، وقال الثوري وأبو حنيفة: ليس له الإتمام وكرهه الشيخ.
(٧)(ولا أكل ميتة) لأنها رخصة، والرخص لا تناط بالمعاصى وهو قول الشافعى، وقال الأوزاعى والثوري: له ذلك.
(٨)(أكثر قصده) كالتاجر الذي يقصد معها شرب الخمر من البلد الذي يتجر إليه.