لإِصلاح ذات البين، والبينة فيمن عرف بالغنى ثلاثة رجال (١) وإن ادعى الفقر من لم يعرف بالغنى وكان جلدًا ولم يعرف له مال وذكر أنه لا كسب له أعطاه من غير يمين بعد أن يخبره وجوبًا أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب، والقدرة على اكتساب المال بالبضع ليس بغنى معتبر (٢) ويستحب صرفها في الأصناف الثمانية، ولا يجب الاستيعاب ولا التعداد من كل صنف، فلو اقتصر على صنف منها أو واحد منه أجزأه (٣) وليس لرب المال ولا لوكيله في تفرقتها أخذ نصيب العامل لكونه فعل وظيفة العامل (٤) ويجزى السيد دفع زكاته إلى مكاتبه وإلى غريمه ليقضى
بها دينه ما لم يكن حيلة نص عليه. وقال: إن أراد إحياء ماله لم يجز. وقال القاضي وغيره: معنى الحيلة أن يعطيه بشرط أن يردها عليه من دينه لأن من شرطها تمليكًا صحيحًا. وإن رد الغريم من نفسه ما قبضه وفاء عن دينه من غير شرط ولا مواطأة جاز أخذه وإن كان الأجنبي أحوج فلا يعطى القريب ويمنع البعيد، ولا يحابي بها قريبه ولا يدفع بها مذمة ولا يستخدم بسببها قريبًا ولا غيره ولا يقى بها ماله، والجار أولى من غيره، والقريب أولى منه، ويقدم العالم وأهل الدين وذو العائلة على ضدهم.
(فصل) ولا يجوز دفعها إلى الوالدين وإن علوا ولا الولد وإن سفل في حال وجوب نفقتهم عليه إجماعًا، وإن كانوا في حال لا تجب نفقتهم فكذلك على المذهب، وقيل تجوز والحالة هذه واختاره الشيخ ويأخذ لكونه عاملًا مؤلفًا وغازيًا وغارمًا لإِصلاح ذات البين ولغرم نفسه في اختيار الشيخ، كل عصبة غيرهم إذا لم يرث يعطى، ولبني هاشم - إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - - الأخذ من صدقة التطوع (٥) ومن وصايا الفقراء
(١)(ثلاثة رجال) لما في حديث قبيصة من قوله عليه الصلاة والسلام "لا تحل المسئلة إلا لأحد ثلاثة: رجل أصابته فاقة حتى يشهد له ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلانًا فاقة فحلت له المسئلة حتى يصيب قوامًا من عيش أو سدادًا من عيش" رواه مسلم.
(٢)(ليس بغني معتبر) فلا تمنع المرأة الفقيرة من أخذ الزكاة إذا كانت ممن يرغب في نكاحها وتقدر على تحصيل المهر بالنكاح لأنه لا يقصد المال.
(٣)(أجزأه) نص عليه، تتمته في الزاد، ولحديث قبيصة "أقم عندنا حتى تأتينا الصدقة حتى نأمر لك بها" ولو وجب الاستيعاب لم يجز صرفها إلى واحد.
(٤)(وظيفة العامل) لأن أداءه واجب عليه فلا يأخذ في مقابلته عوضًا، ولأنه يسمى عاملًا.
(٥)(من صدقة التطوع) لأنهم إنما منعوا من الزكاة لكونها أوساخ الناس، وصدقة التطوع ليست كذلك.