وقال الجمهور: لا يلزمه الحج مع الخفارة وإن كانت يسيرة (١) وأن يوجد الماء والعلف على المعتاد، وأما سعة الوقت وأمن الطريق فمن شرائط الوجوب أيضًا (٢)، وعنه أنهما من شرائط لزوم الأداء اختاره الأكثر (٣) فعلى هذا يأثم إن لم يعزم على الفعل، فالعزم في العبادات مع العجز يقوم مقام الأداء في عدم الإثم (٤) فإن مات قبل وجود هذين الشرطين (٥) أخرج من ماله لمن ينوب عنه (٦) ويكون الإِحجاج
عنه من حيث وجب عليه، ولو مات هو أو نائبه في الطريق حج عنه من حيث مات فيما بقى مسافة وقولًا وفعلًا (٧) ويسقط بحج أجنبي عنه ولو بلا إذن (٨) ومن يرجى زوال عذره من مرض أو غيره فليس له أن يستنيب فإن فعل لم يجزئه وإن لم يبرأ (٩)، والقادر على الحج بنفسه لا يجوز أن يستنيب في الحج الواجب إجماعًا (١٠) وإن وصى بحج نفل وأطلق جاز من الميقات، وإن لم يف ثلثه بالحج من محل وصيته حج به من حيث بلغ أو يعان به في الحج نص عليه.
(١) (وإن كانت يسيرة) لأنها رشوة فلم يلزم بذلها في العبادة، قاله في المبدع.
(٢) (فمن شرائط الوجوب أيضًا) وهذا مذهب أبى حنيفة والشافعي ومذهبنا.
(٣) (اختاره الأكثر) فلو كملت الشروط الخمسة ثم مات قبل وجود هذين الشرطين حج عنه بعد موته وهو ظاهر كلام الخرقى لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "لما سئل ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة" حديث حسن، ولأن إمكان الأداء ليس شرطًا في وجوب العبادة بدليل ما لو زال المانع ولم يبق من وقت الصلاة ما لا يمكن الأداء فيه.
(٤) (في عدم الإثم) لقوله عليه الصلاة والسلام "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".
(٥) (هذين الشرطين) سعة الوقت وأمن الطريق مع وجود الزاد والراحلة.
(٦) (ينوب عنه) على القول الثاني، لموته بعد وجوبه عليه دون القول الأول لعدم وجوبه عليه وهو المذهب.
(٧) (وفعلًا) لفعله قبل موته بعض ما وجب عليه فلا يلزم أن يحج عنه من وطنه.
(٨) (بلا إذن) ولي الميت لأنه عليه الصلاة والسلام شبهه بالدين، بخلاف من حج عن حي بلا إذنه.
(٩) (وإن لم يبرأ) وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: له الاستنابة ويكون مراعى، فإن قدر على الحج بنفسه لزمه وإلا أجزأه ذلك. ولنا أنه يرجى القدرة بنفسه فلم يكن له الاستنابة، ولأن النص إنما ورد في الحج عن الشيخ الكبير الذي لا يرجى منه الحج بنفسه.
(١٠) (إجماعًا) قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من عليه حجة الإسلام وهو قادر على الحج لا يجزى عنه أن يحج غيره عنه.