بقاع المناسك وأولي (١) إذ هي كالمساجد لعموم نفعها ولا إجارتها (٢) فإن سكن بأجرة لم يأثم بدفعها صححه في الإِنصاف، وعنه إنكار عدم الدفع، وقال الشيخ: هي ساقطة يحرم بذلها، ومن عنده فضل نزل فيه لوجوب بذله وإلا حرم نص عليه، والحرم كمكة على الصحيح،
والرواية الثانية يجوز ذلك (٣) وقد أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - أهلها فيها على أملاكهم ورباعهم (٤) والمصانع المعدة لماء الأمطار وجرى إليها ماء من المطر أو من نهر غير مملوك يملك ماؤها بحصوله فيها ويجوز بيعه إذا كان معلومًا، ولا يحل أخذ شيء منها بغير إذن مالكه، ويجوز بيع البئر نفسها والعين ومشتريها أحق بمائها (٥) والطلول التي تجنى منها النحل ككلأ وأولى، ولا حق على أهل النحل لأهل الأرض التي يجنى منها. قال الشيخ: لأن ذلك لا ينقص من ملكهم شيئًا (٦)
(١)(وأولى) لعموم نفعها، وقد روى "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له ألا تبني لك بيتًا بمنى؟ فقال: منى مناخ من سبق".
(٢)(ولا إجارتها) لما روى سعيد بن منصور عن مجاهد مرفوعًا "مكة حرام بيعها حرام إجارتها".
(٣)(يجوز ذلك) روى عن طاوس وعمرو بن دينار، وهو قول الشافعي وابن المنذر، واختاره المصنف والشارح، وهو أظهر حجة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قيل له أين تنزل غدًا؟ قال: وهل ترك لنا عقيل من رباع؟ متفق عليه يعنى أن عقيلًا باع رباع أبى طالب لأنه ورثه دون إخوته لكونه كان على دينه دونهم. ولو كانت غير مملوكة لما أثر بيع عقيل شيئًا، ولأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم دور بمكة لأبى بكر والزبير وحكيم بن حزام وأبي سفيان وسائر أهل مكة فمنهم من باع ومنهم من ترك داره لعقبه فهي في أيدي أعقابهم، واشترى عمر دار السجن من صفوان بن أمية بأربعة آلاف، وما روى خلاف هذا ضعيف.
(٤)(ورباعهم) فيدل ذلك على أنه تركها لهم كما ترك لهوازن نساءهم وأبناءهم.
(٥)(أحق بمائها) وقد روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "من يشتري بئر رومة يوسع بها على المسلمين وله الجنة" أو كما قال، فاشتراها عثمان بن عفان من يهودي بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وسبلها للمسلمين.
(٦)(شيئًا) ذكر ابن عادل في تفسيره عن الفخر الرازي في كتب الطب أن الطلال هي التي يتغذى منها النحل إذا تساقطت على أوراق الأشجار والأزهار فيلتقطها النحل ويتغذي منها ويكون منها العسل اهـ. ونحل رب الأرض أحق به أن أضربه ذكره الشيخ.