الحب المشتد في سنبله بحب من جنسه (١) ويصح بغير جنسه، ويصح بيع تين بدون حبه. ولا المزابنة (٢) وهي بيع الرطب في رءوس النخل بالتمر، إلا في العرايا التي رخص فيها وهي بيع الرطب في رءوس النخل (٣) خرصًا بما يؤول إليه الرطب يابسًا (٤) بمثله من التمر كيلًا معلومًا لا جزافًا (٥) فيما دون خمسة
أوسق (٦) لمن به حاجة إلى أكل الرطب (٧) ولا نقد معه فيصح، فإن كانت خمسة أوسق بطل في الجميع (٨): وقال الشافعي: يجوز للإِنسان بيع حائطه عرايا من رجل واحد ومن رجال في عقود متكررة (٩) ويشترط فيها حلول وقبض من الطرفين في مجلس بيعهما (ولو أسلم أحدهما ثم مشيا إلى الآخر فتسلمه صح، ولا يجوز في سائر الثمار في أحد الوجهين، وإن باع عريتين لشخصين وفيهما أكثر من خمسة أوسق
جاز لأنه المعتبر في الجواز
(١) (بحب من جنسه) لأن الحب إذا بيع بجنسه لا يعلم مقداره بالكيل، والجهل بالتساوى كالعلم بالتفاضل.
(٢) (المزابنة) لقول ابن عمر "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة" متفق عليه، والمزابنة لغة الدفع الشديد.
(٣) (في رؤوس النخل) لأن الرخصة وردت في بيعه على أصوله للأخذ شيئًا فشيئًا لحاجة التفكه.
(٤) (يابسًا) لأن الشارع أقام الخرص مقام الكيل، فلا يعدل عنه كما لا يعدل عن الكيل فيما يشترط فيه.
(٥) (لا جزافًا) لقوله في الحديث "أن تباع بخرصها كيلًا" لأن الاعتبار الكيل من الجانبين سقط أحدهما وأقيم الخرص مقامه للحاجة فيبقى الآخر على مقتضى الأصل.
(٦) (خمسة أوسق) وبهذا قال أكثر أهل العلم كمالك والأوزاعى وإسحق وابن المنذر، وقال أبو حنيفة: لا يجوز بيعها لما ذكرنا من الحديث. والجواب أن فيه "إلا العرايا" وهذه زيادة يجب قبولها.
(٧) (إلى أكل الرطب) وما جاز للحاجة لا يجوز لعدمها فلا يجوز بيعها لغنى وهو أحد قولى الشافعى لحديث زيد بن ثابت قال محمود بن لبيد: قلت لزيد ما عراياكم هذه؟ فسمى رجالًا محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يتبايعون به رطبًا يأكلونه وعندهم فضول من التمر فرخص لهم أن يتبايعوا العرايا بخرصها من التمر الذي بأيديهم يأكلونه رطبًا، ولا يلزم من إباحته للحاجة إباحته مع عدمها كالزكاة.
(٨) (بطل في الجميع) لحديث أبى هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في العرايا أن تباع بخرصها في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق، شك داود أحد رواته.
(٩) (في عقود متكررة) لعموم حديث زيد، ولأن كل عقد جاز مرة جاز أن يتكرر كسائر البيوع، ولنا عموم النهي عن المزابنة استثنى من ذلك العرية فيما دون خمسة أوسق. فما زاد يبقى على عموم التحريم.