وسائر شروط الإِجارة (١)، ويعلم تقدير الماء بتقدير الساقية. وإن
كانت الأرض بيد رجل بإجارة جاز له أن يصالح رجلًا على إجراء الماء فيها في ساقية محفورة مدة لا تجاوز مدة الإِجارة (٢) وإن لم تكن الساقية محفورة لم يجز أن يصالحه على ذلك، وإن كانت الأرض في يده وقفًا عليه فكالمستأجر (٣) وكذا المستعير، هذا ما جزم به في الإِنصاف وغيره، وفيه نظر لأن المستعير لا يملك المنفعة (٤) وإن صالحه على إجراء ماء سطحه من المطر على سطحه أو في أرضه من سطحه أو في أرضه عن أرضه جاز إذا كان ما يجرى ماؤه معلومًا إما بالمشاهدة وإما بمعرفة المساحة، لأن الماء يختلف بصغر السطح كبره، ويشترط معرفة الموضع الذي يجري منه إلى السطح، ولا يفتقر إلى ذكر المدة كنكاح، لكن قال في القواعد: ليس بإجارة محضة لعدم تقدير المدة (٥) بخلاف الساقية فكانت بيعًا تارة وإجارة أخرى. وإن كانت الأرض أو السطح الذي يجرى عليه الماء مستأجرًا أو عارية لم يجز أن يصالح على إجراء الماء بغير إذن مالكه، ويحرم إجراء ماء في ملك إنسان بلا إذنه ولو مع عدم تضرره أو تضرر أرضه، ولو كان رب الماء مضرورا إلى ذلك في
إحدى الروايتين (٦)، والأخرى يجوز (٧). ولو صالحه على أن يسقى أرضه من نهره أو عينه مدة ولو معينة لم
(١)(وسائر شروط الإجارة) ومقتضى كلامه في الإنصاف كالفروع وغيره لا يعتبر بيان المدة للحاجة، وتبعهم في المنتهى.
(٢)(لا تجاوز مدة الإِجارة) لأنه يملك المنفعة فكان له أن يستوفيها بنفسه وبمن يقوم مقامه.
(٣)(فكالمستأجر) إن كانت محفورة جاز وإلا فلا قاله القاضي وابن عقيل، وقال في المغني: والأولى أن يجوز حفر الساقية، لأن الأرض له وله التصرف فيها كيف شاء ما لم ينقل الملك فيها إلى غيره.
(٤)(لا يملك المنفعة) فكيف يصالح عليه؟ وعلى تسليم الصحة فينبغى أن يكون العوض المصالح عن ذلك لمالك الأرض.
(٥)(لعدم تقدير المدة) بل هو شبيه بالبيع، قال في الفروع قال ابن عطوة: رأيت بخط ابن عقيل حكى عن كسرى أن بعض عماله إلى قوله فكتب كسرى أن خذوا بيتها فإن المصالح الكليات تغتفر فيها المفاسد الجزئيات. في الزاد.
(٦)(في إحدى الروايتين) لأنه تصرف في أرض غيره بغير إذنه فلم يجز كما لو لم تدع إليه ضرورة لأن مثل هذه الحاجة لا تبيح مال غيره بدليل أنه لا يباح له الزرع في أرض غيره ولا الإنتفاع بشيء منافعها المحرمة عليه.
(٧)(والأخرى يجوز) مثل أن يكون له أرض للزرع لها ماء لا طريق له إلا أرض جاره، لما روى أن الضحاك بن خليفة ساق خليجًا من العريض فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة فأبى، فقال له الضحاك أتمنعني وهو منفعة لك تشربه أولًا وآخرًا ولا يضرك. فأبى محمد، فكلم فيه الضحاك عمر، فدعا عمر محمد بن مسلمة وأمره أن يخلى سبيله، فقال محمد: لا والله. فقال له: لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع تشربه أولًا وآخرًا؟ فقال محمد: لا والله. فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك. فأمره عمر أن يمر به ففعل" رواه مالك في موطئه وسعيد في سننه. والأول أقيس، وقول عمر يخالفه قول محمد بن مسلمة أهو موافق للأصول فكأن أولى.