لنفسه سواء جعله لماء المطر أو استخرج منها ماء ينتفع به، وإن أراد حفرها للمسلمين لنفعهم في طريق ضيق أو كانت في ممر الناس بحيث يخاف سقوط الناس فيها أو دابة أو يضيق عليهم ممرهم لم يجز، وإن بنى رصيفًا فيها يمر عليه الناس لنحو مطر جاز مع ظهور مصلحته. وقال الشيخ: وإن كان له باب في درب غير نافذ يستطرق منه استطراقًا خاصًّا من أبواب السر التي يخرج منها النساء أو الرجل المرة بعد المرة هل له أن يستطرق منها استطراقًا عامًا؟ ينبغي أن لا يجوز هنا. اهـ. ويحرم إحداثه ما
يضر بجاره ويمنع منه (١) إذا فعله كحفر كنيف إلى جانب حائط جاره ونصب تنور يتأذى باستدامة دخانه ونحو ذلك (٢) كما يمنع من ابتداء إحيائه ويضمن ما تلف به، بخلاف طبخه وخبزه فيه (٣) وإن كان هذا الذي حصل منه الضرر سابقًا مثل من له في ملكه مدبغة ونحوها فأحيا إنسان إلى جانبه مواتًا أو بناه دارًا يتضرر بذلك لم يلزمه إزالة الضرر لسبقة، وليس له منعه من تعلية داره ولو أفضى إلى سد الفضاء عنه (٤) أو خاف نقص أجرة داره، وإن حفر بئرًا في ملكه فانقطع ماء بئر جاره أمر بسدها ليعود ماء البئر الأولى، فإن لم يعد كلف صاحب البئر الأولى حفر البئر التي سدت لأجله من ماله. ولو ادعى أن بئره فسدت من خلاء جاره أو بالوعته وكانت البئر أقدم منها طرح في الخلاء أو البالوعة نفط فإن لم يظهر طعمه ولا رائحته في البئر علم أن فسادها بغيره، وإن ظهر فيها ذلك كلف صاحب الخلاء أو البالوعة نقل ذلك إن لم يمكن إصلاحه. ولو كان لرجل مصنع فأراد جاره غرس شجرة مما تسرى عروقه فيشق حائط مصنع جاره ويتلفه لم يملك ذلك وكان لجاره منعه وقلعها إن غرسها وله الإستناد إلى جدار جاره أو المشترك وإسناد شيء لا يضره والجلوس في ظله ونظره في ضوء سراجه بلا إذن (٥) قال الشيخ: العين والمنفعة التي لا قيمة لها عادة لا يصح أن يرد عليها عقد بيع ولا إجارة اتفاقًا
(١)(ويمنع منه) لخبر "لا ضرر ولا ضرار" احتج به أحمد.
(٢)(ونحو ذلك) من كل ما يؤذيه كسقي وإشعال يتعديان إليه، وحداد يتأذى بكثرة دقه.
(٣)(وخبزه فيه) على العادة، فلا يمنع ذلك، لأن الضرر، يزال بالضرر.
(٤)(سد الفضاء عنه) إلى آخره قاله الشيخ. قال في الفروع: احتج أحمد بالخبر "لا ضرر ولا ضرار" فيتوجه منه منعه.
(٥)(بلا إذن) لأن هذا لا مضرة فيه، والتحرز منه يشق.