لم يعلم المشتري بما لزم البائع من العمل فله الخيار بين الفسخ وأخذ الثمن، وبين الإِمساك وأخذ الأرش، وقدم في الإِقناع وغيره أنهما عقد جائز (١) يبطلان بما تبطل به الوكالة ولا يفتقران إلى ضرب مدة يحصل الكمال فيها ولكل منهما فسخها، فإن فسخت بعد ظهور الثمرة فهي بينهما على ما شرطاه، ويملك العامل حصته بالظهور، ويلزمه تمام العمل. قال المنقح: فيؤخذ منه دوام العمل على العامل في المناصبة ولو فسخت إلى أن تبيد (٢) والواقع كذلك اهـ. وإن فسخ العامل أو هرب
قبل ظهورها فلا شيء له، وإن فسخ المالك فعليه للعامل أجرة عمله (٣) ويصح توقيتها (٤) وإن ساقاة إلى مدة تكمل فيها الثمرة غالبًا فلم تحمل تلك السنة، فلا شيء للعامل، وإن مات العامل أو جن أو حجر عليه لسفه انفسخت كرب المال، وإن قلنا بلزومها لم ينفسخ العقد ويقوم الوارث مقام الميت، فإن مات العامل فأبى وارثه لم يجبر (٥) ويستأجر الحاكم من تركته من يعمل العمل، وإن ظهر الشجر مستحقًا بعد العمل أخذه ربه وثمرته، ولا حق للعامل في ثمرته ولا أجرة له وله على الغاصب أجرة مثله، وإن استحقت بعد اقتسامها وأكلاها فللمالك تضمين من شاء منهما، فإن ضمن الغاصب رجع على العامل بقدر نصيبه (٦) ويرجع العامل على الغاصب بأجرة مثله، وإن ضمن العامل احتمل أن لا يضمنه إلا نصيبه خاصة (٧).
(فصل) ويلزم العامل ما فيه صلاح الثمرة والزرع وزيادتهما من السقي وقطع ما يضر من شوك وغيره وتفريق الزبل والسباخ وحفظ الثمر في الشجر وفي الجرين وكذا الجذاذ إن شرط عليه وصح شرطه (٨)
(١)(عقد جائر) هذا المذهب، لما روى مسلم عن ابن عمر في قصة خيبر "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نقركم على ذلك ما شئنا" ولو كان لازمًا لم يجز بغير توقيت مدة ولا أن يجعل الخيرة إليه في مدة إقرارهم ولا عقد على جزء من نماء المال، فكان جائزًا كالمضاربة، وفارق الإِجارة لأنها بيع فكانت لازمة كبيع الأعيان.
(٢)(إلى أن تبيد) الشجر التي وقعت عليها المناصبة.
(٣)(أجرة عمله) بخلاف المضاربة لأن الربح يتولد من العمل ولم يحصل بعمله ربح، والثمرة تولد من عين الشجر.
(٤)(ويصح توقيتها) لأنه لا ضرر في تقدير مدتها، ولا يشترط على قول أنها عقد جائز كالوكالة.
(٥)(لم يجبر) لأن الوارث لا يلزمه من الحقوق التي على موروثه إلا ما أمكن دفعه من تركته والعمل لا يدخل فيه.
(٦)(بقدر نصيبه) لأن التلف وجد في يده فاستقر الضمان عليه.
(٧)(نصيبه خاصة) لأنه ما قبض الثمرة كلها بل كان مراعيًا لها وحافظًا.
(٨)(وصح شرطه) لأنه لا يخل بمصلحة العقد فصح كتأجيل الثمن وشرط الرهن والضمين في البيع.