أن تصح لأنه في معنى كل دلو بتمرة، وإن قال لتحمل لي هذه الصبرة كل قفيز بدرهم وتنقل لي صبرة أخرى في البيت بحساب ذلك وكانا يعلمان الصبرة التي في البيت بالمشاهدة أو وصفاها صح، وإن جهلها أحدهما صح في الأولى وبطل في الثانية.
(فصل) الثالث أن تكون المنفعة مباحة لغير ضرورة، ولا تصح إجارة ما يجمل به دكانه من نقد وشمع ونحوهما ولا طعام ليتجمل به على مائدته ثم يرده لأن منفعة ذلك غير مقصودة ولا ثوب لتغطية نعش ويصح الاستئجار لإِلقاء الميتة ولإراقة الخمر (١) ويصح لكسح كنيف (٢) ويكره أكل أجرته كحر لأجرة حجامة، ولو
استأجره على سلخ بهيمة بجلدها (٣) أو على إلقاء ميتة بجلدها لم يصح وله أجرة مثله، ويصح إلقاؤها بالشعر الذي على جلدها إن كان محكومًا بطهارته، وقيل يصح الاستئجار على سلخ البهيمة بجلدها صححه في التخليص والإِنصاف، ولا يصح طحن قمح بنخالته وتجوز، إجارة المسلم للذمي إذا كانت الإِجارة في الذمة وكذا العمل غير خدمة، وأما إجارته للخدمة فلا تجوز (٤) ولا تجوز إعارة الرقيق المسلم له، ولا بأس أن يحفر للذمي قبرًا بالأجرة. ولا تجوز الإِجارة لرعى بهائمه بجزء من نمائها، ويجوز بسهم منها، ويصح استئجار بيت في دار ولو أهمل استطراقه (٥).
(١)(ولإراقة الخمر) لأن ذلك مما تدعو الحاجة إليه ولا تندفع بدون إباحة الأجرة له ولا مباشرة فيه للنجاسة غالبًا.
(٢)(لكسح كنيف) وقد روى سعيد بن منصور أن رجلًا حج وأتى ابن عباس فقال له: إني رجل أكنس فما ترى في مكسبي؟ قال: أي شيء تكنس؟ قال العذرة، قال ومنه حججت ومنه تزوجت؟ قال نعم. قال أنت خبيث وحجك خبيث أو نحو هذا، ولأن الحاجة داعية إليها ولا يندفع ذلك إلا بإباحة الإجارة فوجب إباحتها كالحجامة.
(٣)(سلخ بهيمة بجلدها) ظاهره أن ذلك قبل الذبح لأنه يجوز بيعه منفردًا بعد الذبح لا قبله.
(٤)(إجارته للخدمة فلا تجوز) لأنه عقد يتضمن حبس المسلم عند الكافر وإذلاله وإستخدامه مدة الإِجارة.
(٥)(ولو أهمل استطراقه) إذ لا يمكن الانتفاع به إلا باستطراق فاستغنى عن ذكره للتعارف.