(فصل) ولا تصح إجارة العين إلا بشروط خمسة: (أحدها) أن يقع على نفع العين دون أجزائها فلا تصح إجارة الطعام للأكل ولا الشمع ليشعله (٢)، وأجازه الشيخ قال ليس هذا بإجارة، ولكنه إذن في الإِتلاف وهو سائغ، وقال الشيخ: يجوز إجارة حيوان لأخذ لبنه (٣) والمذهب لا يصح ذلك في حيوان إلا في الظئر. قال ابن عقيل يجوز استئجار البئر ليستقى منه أيامًا معلومة أو دلاء معلومة، لأن هواء البئر وعمقها فيه نوع انتفاع بمرور الدلو فيه، فأما الماء فيؤخذ على الإِباحة اهـ. ويدل أيضًا تبعًا حبر ناسخ وخيوط خياط وصبغ صباغ. وسئل أحمد عن إجارة بيت الرحى الذي يديره الماء فقال: الإِجارة على البيت والأحجار والحديد والخشب، فأما الماء فإنه يزيد وينقص ويذهب فلا يقع عليه إجارة. ولا يجوز استئجار الفحل للضراب (٤) فإن احتاج إلى ذلك ولم يجد من يطرق له جاز له أن يبذل الكراء (٥) كشراء الأسير ورشوة الظالم ليدفع ظلمه، ويحرم على المطرق أخذه، وإن أطرق إنسان فحله بغير
إجارة
(١)(لا أجرة لها مطلقًا) وتأول القاضي كلام الخرقى على أنها في حبال زوج آخر وهو قول أصحاب الرأى، وحكى عن الشافعي، لأنه استحق حبسها والاستمتاع بها بعوض فلا يجوز أن يلزمه آخر لذلك، وقال الشيرازي إن استأجر من هي تحته لرضاع لم يجز لأنه استحق نفعها. ولنا ما تقدم.
(٢)(ولا الشمع ليشعله) هذا المذهب لأنه لا ينتفع به إلا بإتلاف عينه.
(٣)(حيوان لأخذ لبنه) فإن قام عليها المستأجر وعلفها فكاستئجار الشجر، وإن علفها ربها ويأخذ المشترى لبنًا مقدرًا فبيع محض.
(٤)(استئجار الفحل للضراب) لنهيه عليه الصلاة والسلام عن عسب الفحل متفق عليه، والعسب إعطاء الكراء على الضراب على أحد التفاسير، ولأن المقصود هو الماء وهو محرم لا قيمة له فلم يجز أخذ العوض عنه كالميت.
(٥)(أن يبذل الكراء) لأنه بذل لتحصيل منفعة مباحة تدعو الحاجة إليها مجانًا.