(فصل) الضرب الثاني عقد على منفعة في الذمة في شيء معين أو موصوف مضبوط بصفات كالسلم فيشترط تقديرها بعمل أو مدة كخياطة ثوب أو بناء دار وحمل إلى موضع معين، ويلزم الشروع فيه عقب العقد، فلو ترك ما يلزمه قال الشيخ
بلا عذر فتلف ضمن، ولا يجوز الأجير فيه إلا آدميًا (١) جائز التصرف ويسمى الأجير المشترك (٢) وهو من قدر نفعه بالعمل، ولا يجوز الجمع بين تقدير المدة كقوله استأجرتك لتخيط هذا الثوب في يوم (٣) ويحتمل أن يصح (٤) ويصح الجمع بينهما في جعالة (٥) ولا تصح الإِجارة على عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة وهو المسلم كالحج أي النيابة فيه والعمرة والأذان وتعليم
(١)(إلا آدميًا) لأنها متعلقة بالذمة ولا ذمة لغير الآدمي.
(٢)(الأجير المشترك) لأنه يتقبل أعمالًا لجماعة وتكون منفعته مشتركة بينهم.
(٣)(في يوم) وهو قول أبي حنيفة والشافعي، لأن الجمع بينهما يزيد في الإِجارة غررًا لا حاجة إليه، لأنه قد يفرغ من العمل قبل انقضاء المدة، فإن استعمل بقية المدة فقد زاد على ما وقع عليه العقد، وإن لم يعمل كان تاركًا للعمل في بعض المدة، وهذا غرر يمكن التحرز منه.
(٤)(ويحتمل أن يصح) لما روى عن أحمد فيمن اكترى دابة إلى موضع على أن يدخله في ثلاث فدخله في ست قال أضربه. فقيل يرجع عليه بالقيمة؟ قال: لا، ويصالحه. وهذا يدل على جواز تقديرهما جميعًا وهو قول أبي يوسف ومحمد، لأن الإِجارة معقودة على العمل، فالمدة إنما ذكرت للتعجيل فلا تمنع ذلك، فعلى هذا إذا تم العمل قبل انقضاء المدة لم يلزمه العمل في بقيتها لأنه وفى ما عليه قبل مدته فلم يلزمه شيءآخر كما لو قضى الدين قبل أجله، وإن مضت المدة قبل العمل فللمستأجر فسخ الإِجارة لأن الأجير لم يف بشرطه، فإن رضى بالبقاء لم يملك الأجير الفسخ.
(٥)(في جعالة) لأنه يغتفر فيها ما لا يغتفر في الإِجارة.