فالشفعة بينه وبين الآخر (١)، فإن وهب بعض الشركاء نصيبه من الشفعة لبعض الشركاء أو لغيره لم تصح الهبة وسقطت (٢) وإذا كانت دارًا بين اثنين فباع أحدهما نصيبه لأجنبي صفقتين ثم علم شريكه فله أن يأخذ بالبيعين، وله أن يأخذ بأحدهما، فإن أخذ بالثاني شاركه المشتري في شفعته في أحد الوجهين (٣)، وإن أخذ بالأول لم يشاركه، وإن أخذ بهما لم يشاركه في شفعة الأول ولا في شفعة الثاني في أحد الوجهين (٤) وإن تلف بعض المبيع أو انهدم ولو بفعل الله تعالى فللشفيع أخذ الباقي. وقال ابن حامد: إن كان تلفه بفعل الله فليس له أخذه إلا بجميع الثمن (٥).
(فصل) وإن تصرف مشتريه بوقفه أو هبته أو تصدق به سقطت شفعته (٦) وقال أبو
بكر لا تسقط (٧) وإن باع فللشفيع الأخذ بأي البيعين شاء (٨)، فإن أخذ بالأول رجع الثاني على الأول، ولا تسقط برهنه
(١)(وبين الآخر) وبه قال أبو حنيفة والشافعي لأنهما تساويا في الشركة، وحكى عن الحسن والشعبي لا شفعة للآخر لأنه لا ضرر في شرائه.
(٢)(وسقطت) الشفعة، لأن ذلك دليل إعراضه عنها.
(٣)(في أحد الوجهين) وهو الصحيح من المذهب هذا مذهب أبى حنيفة وبعض أصحاب الشافعي والثاني لا يشاركه فيها.
(٤)(وفي أحد الوجهين) قال الحارثي: وهو الأصح، قال في الإِنصاف وهو الصواب، وجزم به في الإقناع لأنه لم تسبق له شركة.
(٥)(بجميع الثمن) أو يترك وهو قول أبي حنيفة وقول الشافعي، لأن الأخذ بغير شيء إضرار به والضرر لا يزال بالضرر. ولنا أنه تعذر أخذ الجميع وقدر على أخذ البعض فكان له بالحصة كما لو تلف بفعل آدمي.
(٦)(سقطت شفعته) هذا المذهب في الجميع، لأنه الشفعة إنما تثبت في المملوك، وقد خرج بهذا عن كونه مملوكًا.
(٧)(لا تسقط) ويأخذه بالثمن الذي وقع به البيع، وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة لأن حق الشفيع أسبق فلم يملك المشتري تصرفًا يبطل حقه، قال المصنف: القياس قول أبي بكر، قال في الفائق: وخص القاضي النص بالوقف ولم يجعل غيره مسقطًا، واختاره شيخنا، يعني به تقي الدين.
(٨)(وإن باع إلى آخره) هذا المذهب، لأن سبب الشفعة الشراء وقد وجد منهما، وعلم منه صحة تصرف المشتري في الشقص قبل الطب لأنه ملكه.