أزواجهن بموت أو حياة، وأهل الوقف المتناولون له، والعلماء حملة الشرع من غني وفقير، وأهل الحديث من عرفه ولو
حفظ أربعين حديثًا لا من سمعه، والقراء الآن حفاظ القرآن وفي الصدر الأول هم الفقهاء، وأعقل الناس الزهاد، قال ابن الجوزي وليس من الزهد ترك ما يقيم النفس ويصلح أمرها ويعينها على طريق الآخرة فإنه زهد الجهال، وإنما هو ترك فضول العيش وما ليس بضرورة في بقاء النفس؛ وكان على هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، واليتيم من لم يبلغ ولا أب له.
(فصل) والوقف عقد لازم وهو المذهب لا يجوز فسخه بإقالة ولا غيرها، ويلزم بمجرد القول الدال عليه بغير حكم حاكم (١) ولا يصح بيعه ولا هبته ولا المناقلة به (٢) إلا أن تتعطل منافعه المقصودة منه بخراب أو غيره وتتعذر عمارته وعود نفعه ولو مسجدًا حتى بضيقه على أهله وتعذر توسيعه أو خراب محلته فيصح بيعه ويصرف في مثله ويصير الحكم للثاني (٣) وعنه لا يلزم إلا بالقبض كالهبة (٤) وعنه تجوز
المناقلة به لنقصه أو رجحان مغله نص عليه (٥) وجوز الشيخ بيع الوقف للمصلحة (٦) والوقف على قوم بعينهم أحق
(١)(بغير حكم حاكم) لقوله عليه الصلاة والسلام "لا يباع أصلها ولا توهب ولا تورث" قال الترمذي العمل على هذا عند أهل العلم وإجماع الصحابة على ذلك.
(٢)(المناقلة به) أي إبداله ولو بخير منه للحديث السابق، وقد صنف المرداوي كتابًا لطفًا في رد المناقلة وأجاد.
(٣)(ويصير الحكم للثاني) واحتج الإمام بأن ابن مسعود رضي الله عنه حول مسجد الجامع بالتمارين وكان هذا بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه فكان كالإجماع، وأما إذا نقلت آلته من غير بيع فالبقعة باقية على أنها مسجد.
(٤)(كالهبة) اختاره ابن أبي موسى، وذهب أبو حنيفة إلى أن الوقف لا يلزم بمجرده، وللواقف الرجوع فيه إلا أن يوصى به بعد موته فيلزم أو يحكم بلزومه حاكم، وحكاه بعضهم عن علي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم، وخالف أبا حنيفة صاحباه فقالا بقول سائر العلماء.
(٥)(نص عليه) وصنف صاحب الفائق في جواز المناقلة للمصلحة مصنفًا وسماه "المناقلة بالأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف" أجاد فيه ووافقه أيضًا جماعة من أهل عصره كلهم تبع الشيخ تقى الدين في ذلك، لأن الإبدال جرى مجرى الأعيان، ولعل تركه في بعض الأحوال تضييع للغرض.
(٦)(للمصلحة) قال وهو قياس الهدى وهو من المفردات. واختاره صاحب الفائق وحكم به نائبًا عن القاضي جمال الدين المسلاتي، فعارضه القاضي جمال الدين المرداوي وقال: حكمه باطل على قواعد المذهب، وصنف في ذلك مصنفًا.