هذا نظر لا يخفى على متأمل. وعرف أصول الشرع ومقاصده وأنه أتى بما فيه صلاح الخلق في الدنيا والآخرة فكيف يطلقونه على النظر ويجرئون الفساق على مقاصدهم لاسيما في هذه الأزمنة، فإن الفاسق ينظر إلى ما اشتهى ويدعى مع ذلك أنه ينظر بلا شهوة فالصواب حسم المادة وسد الذريعة قاله في حاشية المقنع (١) ويحرم نظر شعرها، وصوتها ليس بعورة (٢) ويحرم التلذذ
بسماعه ولو بقراءة. وتحرم الخلوة لغير محرم على الكل مطلقًا (٣) وقال الشيخ الخلوة بأمرد حسن ومصافحته كامرأة ولو لمصلحة (٤) وكره أحمد مصافحة المرأة وشدد أيضًا حتى لمحرم، وجوزه لوالد (٥) ولكل واحد من الزوجين نظر جميع بدن
(١)(في حاشية المقنع) لما روى جرير بن عبد الله قال: "سألت رسول الله عن نظر الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري" حديث صحيح، وعن علي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة" رواهما أبو داود وكان الفضل بن العباس رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءته الخثعمية تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فصرف وجهه عنها. وإباحه النظر إلى المرأة إذا أراد تزويجها دليل على التحريم عند عدم ذلك، إذ لو كان مباحًا على الإطلاق فما وجه التخصيص لهذه الحال؟ وأما حديث أسماء إن صح فيحمل أنه كان قبل نزول الحجاب فيحل عليه.
(٢)(ليس بعورة) قال في الفروع: على الأصح، وعنه أنه عورة اختاره ابن عقيل.
(٣)(على الكل مطلقًا) أي بشهوة وبدونها، لحديث ابن عباس مرفوعًا "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذى محرم" متفق عليه.
(٤)(لمصلحة) كتعليم وتأديب.
(٥)(وجوزه لوالد) قال في الفروع: ويتوجه ومحرم، وسأل ابن منصور أحمد: يقبل ذوات المحارم منه؟ قال: إذا قدم من سفر ولم يخف على نفسه، لكن لا يفعله على الفم أبدًا، الجبهة والرأس، وذكر حديث خالد بن الوليد أنه - صلى الله عليه وسلم - قدم من غزوة فقبل فاطمة.