محرمة، وسائر الدعوات مباحة نصًّا، ويكره لأهل الفضل والعلم الإسراع إلى الإِجابة والتسامح فيه (١)
وإن دعاه ذمي كرهت الإِجابة، وقيل يجوز من غير كراهة وهو أصح دليلًا (٢) وإن حضر وهو صائم تطوعًا وفى ترك أكل كسر لقلب الداعى أفطر، وإلا كان تمام الصوم أولى من الفطر، قال الشيخ: وهو أعدل الأقوال: وإن دعاه اثنان أجاب أسبقهما بالقول، فإن استويا أجاب أدينهما ثم أقربهما رحمًا ثم جوارًا (٣) ثم يقرع.
(فصل) وخرج أحمد من وليمة فيها آنية فضة، فقال الداعى: نحولها فأبى أن يرجع (٤) ويحرم حضور دعوة فيها منكر لا يقدر على تغييره (٥) وإن شاهد ستورًا معلقة فيها صور حيوان وأمكنه حطها أو قطع رأسها فعل وجلس، وإن لم يمكنه ذلك كره الجلوس، قال في الإِنصاف: والمذهب لا يحرم اهـ (٦). وإن
(١)(والتسامح فيه) لأن فيه بذلة ودناءة وشرهًا، لا سيما الحاكم لأنه ربما كان ذريعة للتهاون به وعدم المبالاة.
(٢)(وهو أصح دليلًا) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه، ذكره أحمد في الزهد وقيل لأحمد: نجيب الذمي؟ قال، نعم.
(٣)(ثم جوارًا) لقوله عليه الصلاة والسلام "إذا اجتمع داعيان فأجب أقربهما بابًا" فإن أقربهما بابًا أقربهما جوارًا.
(٤)(فأبى أن يرجع) نقله حنبل، وروى نافع قال "كنت أسير مع ابن عمر، فسمع زمارة راع، فوضع إصبعيه في أذنيه ثم عدل عن الطريق، فلم يزل يقول: أتسمع؟ حتى قلت: لا، فأخرج إصبعيه من أذنيه ثم رجع إلى الطريق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع "رواه أبو داود والخلال. ويفارق من له جار مقيم على المنكر والزمر فإن تلك حال حاجة، لما في الخروج من المنزل من الضرر.
(٥)(لا يقدر على تغييره) لحديث ابن عمر "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر" رواه أحمد، ورواه الترمذي من حديث جابر.
(٦)(لا يحرم اهـ) لما روى "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة فرأى فيها صورة إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام، فقال: قاتلهم الله، لقد علموا أنهما ما استقسما بهما قط" رواه أبو داود. وكون الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة لا يوجب تحريم دخوله كما لو كان فيه كلب، ولا يحرم علينا صحبة رفقة فيها جرس مع أن الملائكة لا تصحبهم.