فقوله، وإن دفع إليها شيئًا زائدًا على الكسوة مثل مصاغ وقلائد وما أشبه ذلك على وجه التمليك فقد ملكته، وإن كان قد أعطاها للتجمل به (١) فهو باق على ملكه، وإن طلقها وكانت حاملًا فوضعت فقال طلقتك حاملًا فانقضت عدتك بوضع الحمل فقالت بل بعد الوضع فلى النفقة ولك الرجعة فقولها ولا رجعة له عليها، وإن رجع فصدقها فله الرجعة.
(فصل) وإن أعسر الزوج بنفقتها أو بالكسوة خيرت بين فسخ النكاح والمقام وتكون النفقة دينا في ذمته (٢) فإن اختارت المقام أو رضيت بعسرته أو تزوجته عالمة
بها أو شرط أن لا ينفق عليها أو أسقطت النفقة المستقبلة ثم بدا لها الفسخ فلها ذلك (٣) وقال القاضي ظاهر كلام أحمد أنه ليس لها الفسخ ويبطل خيارها في الموضعين (٤) وإن أعسر بنفقتها فبذلها غيره لم تجبر على قبولها (٥) وإن أتاها بنفقة حرام لم يلزمها قبولها، وإن أعسر بالنفقة الماضية لم يكن لها الفسخ (٦) وإن أعسر
بنفقة الخادم أو الموسر أو المتوسط أو
(١)(للتجمل به إلخ) كما يركبها دابته ويخدمها غلامه لا على وجه التمليك فله أن يرجع فيه متى شاء.
(٢)(في ذمته) هذا المذهب روي عن عمر وعلي وأبي هريرة وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وعمر بن عبد العزيز وربيعة وحماد ومالك والشافعي وإسحق وأبو عبيد وأبو ثور وذهب عطاء وابن شبرمة وأبو حنيفة وصاحباه إلى أنها لا تملك فراقه بذلك ولكن ترفع يده لتكتسب. ولنا قوله تعالى:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ولا معروف مع ترك الإِنفاق، وقوله عليه الصلاة والسلام "امرأتك تقول أطعمني وإلا فارقني" رواه أحمد وذكر في الزاد عن عمر وأبي هريرة.
(٣)(فلها ذلك) وهو المذهب وبه قال الشافعي.
(٤)(في الموضعين) وبه قال مالك لأنها رضيت بعيبه فلم تملك الفسخ كما لو تزوجت عنينا عالمة بعنته. ولنا أن وجوب النفقة يتجدد كل يوم فيتجدد لها الفسخ ولا يصح إسقاط حقها فيما لم يجب، فعلى هذا يجوز أن تمكنه من نفسها وليس له أن يحبسها.
(٥)(على قبولها) لما يلحقها من المنة، إلا إن ملكها الزوج أو دفعها إلى وكيله.
(٦)(الفسخ) لأن البدن قد قام بدونها وهي دين كسائر الديون.