للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فصل) ومن صاد صيدًا فأدركه حيًّا حياة مستقرة لم يحل إلا بالذكاة، فإن كان الزمان لا يتسع لتذكيته حل (١) وقيل يحل بإرسال الصائد له عليه حتى يقتله اختاره الخرقي وعامة أصحابنا وهو من المفردات. وإن كان يعيش زمنًا طويلًا وأمكنه تذكيته ولم يذكه حتى مات لم يحل (٢) ولو امتنع الصيد على الصائد من الذبح بأن جعل يعدو منه يومه حتى مات تعبًا ونصبًا حل (٣) وإن رمى صيدًا فأثبته ثم رماه آخر فقتله لم يحل لأنه صار مقدورًا عليه فلم يبح إلا بذبحه ولمن أثبته قيمته مجروحًا على قاتله إلا أن يصيب الأول مقتله دون الثاني أو يصيب الثاني مذبحه فيحل وعلى الثاني ما خرق من جلده، وإن أصاباه معًا حل وهو بينهما، وإن رماه في الهواء أو على شجرة فوقع على الأرض فمات حل (٤) وإن رمى صيدًا فغابه ثم وجده ميتًا لا أثر به غير سهمه حل (٥) وعنه إن كانت الجراحة موحية حل وإلا فلا، وإن ضربه فأبان

منه عضوًا وبقيت فيه حياة مستقرة لم يبح ما بان منه، وإن أبانه ومات في الحال حل الجميع (٦) وإن أخذ قطعة من حوت وأفلت حيًّا أبيح ما أخذ منه، والطريدة لا بأس بها (٧).

(١) (حل) وبه قال مالك والشافعي، وروي ذلك عن الحسن والنخعي، وقال أبو حنيفة لا يحل كما لو اتسع الزمان، ولنا أنه لم يقدر على ذكاته كالذي قتله الصائد.

(٢) (لم يحل) سواء كان به جرح لا يعيش معه أو لا، وبه قال مالك والليث والشافعي وإسحق وأبو ثور وأصحاب الرأي لأن ما كان كذلك في حكم الحي بدليل أن عمر كانت جراحاته موحية فأوصى وأجيزت وصاياه.

(٣) (حل) ذكره القاضي، واختار ابن عقيل خلافه لأن اتعابه يعينه على الموت فصار كالماء.

(٤) (فمات حل) هذا المذهب وبه قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، وقال مالك لا يحل إلا أن تكون الجراح موحية أو يموت قبل سقوطه لقوله تعالى: {وَالْمُتَرَدِّيَةُ}. ولنا أنه صيد سقط بالإصابه سقوطًا لا يمكن الإحتراز عنه فوجب أن يحل.

(٥) (حل) هذا المذهب وبه قال الحسن وقتادة، وكذا لو أرسل كلبه على صيد فوجده ميتًا ومعه كلبه.

(٦) (الجميع) قال الإمام أحمد: إنما حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "ما قطعت من الحي ميتة" إذا قطعت وهي حية تمشي وتذهب أما إذا كانت البينونة والموت جميعًا أو بعده بقليل إذا كان في علاج الموت فلا بأس به، ألا ترى الذي يذبح ربما مكث ساعة وربما مشى حتى يموت، لأن ما كان ذكاة لبعض الحيوان كان ذكاة لجميعه كما لو قد الصائد الصيد نصفين.

(٧) (لا بأس بها) الصيد يقع بين القوم فيقطع هذا قطعة بسيفه وهذا قطعة قاله الإِمام عن الحسن كان المسلمون يفعلونه في مغازيهم واستحسنه أبو عبد الله حتى يولى عليه وهو حي. قال وليس هو عندي إلا أن الصيد يقع بينهم لا يقدرون على ذكاته فيقطعونه قطعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>