للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فصل) كان السلف يأبون الفتيا ويشددون فيها ويتدافعونها (١) وقال أحمد: إذا هاب الرجل شيئًا لا ينبغي أن يحمل على أن يقول. وقال: لا ينبغي للرجل أن يعرض نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال أن تكون له نية (٢)، الثانية أن يكون له حكم ووقار وسكينه (٣) الثالثة أن يكون قويًا على ما هو فيه ومعرفته (٤) الرابعة الكفاية وإلا أبغضه الناس (٥) الخامسة معرفة الناس (٦). وقال مالك: لا ينبغي لرجل أن يرى

نفسه أهلًا لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه (٧) والمفتى ما يبين الحكم الشرعي ويخبر به من غير إلزام، والحاكم يبينه ويلزم به (٨) ولا تصح من فاسق لغيره وإن كان مجتهدًا (٩) وينبغي للإِمام أن يتصفح أحوال المفتين فمن صلح للفتيا أقره، ومن لا يصلح منعه ونهاه أن يعود (١٠). قال الشيخ

(١) (ويتدافعونها) قال الثوري روينا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال أدركت عشرين ومائة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول. وفي رواية ما منهم من يحدث بحديث إلا ود أن أخاه كفاه إياه، ولا يستفتى عن شيء إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا. وأنكر أحمد وغيره من الأعيان على من يهجم على الجواب لخبر "أجرؤكم على النار" وقال لا ينبغي أن يجيب في كل ما يستفتى فيه.

(٢) (نية) فإن لم يكن عليه نور ولا على كلامه نور إذ الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.

(٣) (وسكينة) وإلا لم يتمكن من فعل ما تصدى له من بيان الأحكام الشرعية.

(٤) (ومعرفته) وإلا فقد عرض نفسه لعظيم.

(٥) (أبغضه الناس) فإنه إذا لم يكن له كفاية احتاج إلى ما في أيديهم فيتضررون منه.

(٦) (معرفة الناس) ليكون بصيرًا بمكر الناس وخداعهم. ولا ينبغي أن يحسن الظن بهم بل يكون حذرًا فطنًا مما يصورونه في سؤالاتهم لئلا يوقعوه في مكروه، ويؤيده حديث "احترز من الناس بسوء الظن".

(٧) (أعلم منه) لما روى عنه بإسناده قال: ما أفتيت حتى سألت من هو أعلم مني: تراني موضعًا لذلك؟

(٨) (به) فامتاز بالإلزام.

(٩) (مجتهدًا) قال في إعلام الموقعين: قلت الصواب جواز استفتاء الفاسق إلا أن يكون معلنًا بفسقه داعيا إلى بدعته.

(١٠) (أن يعود) توعده بالعقوبة إن عاد. وطريق الإِمام إلى معرفة من يصلح للفتوى أن يسأل علماء وقته ويعتمد أخبار الموثقين بهم، قاله الخطب.

<<  <  ج: ص:  >  >>