بعلمه (١) قال في الرعاية: لو شهد أحد الشاهدين ببعض الدعوى قال شهد عندي بما وضع به خطه فيه أو عادة بلده، فإن لم يكن مقبولًا كتب شهد بذلك وقال للمدعى زدني شهودًا أو زك شاهدك (٢) وإن كتب المزكي تزكيته فالأولى أن يكون تحت خط الشاهد المزكي فيزكيه بما تثبت به عدالته. ويحرم تحليف البريء ولو سأل المدعي إحلافه ولا يقيم البينة فحلف كان له إقامتها (٣) وإن كان في يده عين فادعاها حاضر فاقربها لغائب فأقام الحاضر بينة أنها له سلمت إليه ولا يحلف (٤) وكان الغائب على خصومته إذا قدم ونازع. وإن كان مع المقر بينة تشهد بها للغائب سمعها الحاكم ولم يقض بها (٥).
(فصل) ويعتبر أن تكون الدعوى معلقة بالحال (٦) إلا في دعوى تدبير وأن تنفك عما يكذبها (٧) قال الشيخ: لا يعتبر في أداء الشهادة أن الدين باق في ذمة الغريم إلى الآن (٨) وإن ادعى على أبيه دينًا لم تسمع
(١)(بعلمه) وهو قول أبى يوسف وأبي ثور، والقول الثاني للشافعي واختيار المزني لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم لهند من غير بينة لعلمه بصدقها. وروي ابن عبد البر في كتابه أن عروة ومجاهدًا رويا أن رجلًا من بني مخزوم استعدى عمر بن الخطاب على أبي سفيان بن حرب أنه ظلمه حدًا في موضع كذا وكذا فقال عمر: إني أعلم الناس بذلك وربما لعبت أنا وأنت فيه ونحن غلمان - إلى قوله - فنظر عمر فقال يا أبا سفيان خذ هذا الحجر من ههنا فضعه ههنا: فأخذ أبو سفيان الحجر فوضعه حيث قال عمر، فحكم عمر بعلمه مختصرًا. ووجه من قال لا يحكم بعلمه قالوا كلامه لهند فتيًا لا حكم وقصة عمر مع أبي سفيان إنكار لمنكر رآه بدليل أنه ما وجدت منه دعوى.
(٢)(زك شاهدك) لأن بذلك يحصل المقصود من الستر على الشاهد. وإن كان عدلًا كتب تحت خطه شهد عندي بذلك.
(٣)(إقامتها) لأن البينة لا تبطل بالاستحلاف.
(٤) ولا يحلف لأن البينة وحدها كافية للخبر.
(٥)(بها) لأن الحق للغائب ولم يطالبه.
(٦)(بالحال) لا بالدين المؤجل، لأنه لا يجوز الطلب به قبل حلوله، ولعله يجوز لإِثباته، وفي التدبير ولو تأخر أثره.
(٧)(يكذبها) فلو ادعى أنه قتل من عشرين سنة وسنه دونها أو قتل فلانًا منفردًا ثم ادعى مشاركة لم تسمع.
(٨)(إلى الآن) بل يحكم الحاكم باستصحاب الحال إذا ثبت عنده سبق الحق إجماعًا.