الدعوى حتى يثبت أن أباه مات وترك في يده ما لا فيه وفاء لدينه (١). وإذا حدثت حادثة نظر في كتاب الله فإن لم يجد ففي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن لم يجد نظر في القياس (٢). وإن ارتاب في الشهادة لزم
سؤالهم والبحث عن صفة تحملها وغيره (٣)، فإن اختلفوا لم يقبلها، وإن اتفقوا وعظهم وخوفهم فإن ثبتوا حكم بهم (٤) والتزكية حق للشرع يطلبها الحاكم وإن سكت عنها الخصم (٥) وتجب في التزكية المشافهة.
(فصل) ومن ادعى على غائب مسافة قصر ولو في غير عمله وأقام بينة سمعها الحاكم وحكم بها في حقوق الآدميين (٦) وكذا مستتر (٧) وكان شريح لا يرى القضاء على الغائب (٨) ولا يلزم المدعى أن يحلف أن
(١) (لدينه) والقول قول المدعى عليه في نفي تركة الميت مع يمينه، وكذا إن أنكر موت أبيه يكفيه أن يحلف على نفي العلم.
(٢) (القياس) فألحقها بأشبه الأصول بها لقوله لمعاذ فأجابه بذلك فأقره - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) (وغيره) فيفرقهم ويسأل كل واحد كيف تحملت الشهادة وأي وقت وفي أي موضع وهل كنت وحدك أو أنت وغيرك؟ لما روى عن علي أن سبعة نفر خرجوا ففقد واحد منهم فأتت زوجته عليًّا فدعا الستة فسألهم عنه فأنكروا ففرقهم وأقام كل واحد منهم عند سارية ووكل من يحفظه ودعا واحدًا منهم فسأله فانكر فقال الله أكبر فظن الباقون أنه قد اعترف فدعاهم فاعترفوا فقال للأول قد شهدوا عليك وأنا قاتلك فاعترف فقتلهم.
(٤) (بهم) إذا سأله المدعى لأن الشرط ثبات الشاهدين إلى حين الحكم، وروى أبو حنيفة قال كنت عند محارب بن دثار وهو قاضي الكوفة فجاء رجل فادعى على رجل حقًّا فأنكره فأحضر المدعى شاهدين فشهدا له فقال المشهود عليه والذي تقوم به السماء والأرض لقد كذبا علي في الشهادة وكان محارب بن دثار متكئًا فاستوى جالسًا وقال: سمعت ابن عمر يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "إن الطير لتخفق بأجنحتها وترمي ما في حواصلها من هول يوم القيامة وأن شاهد الزور لا تزال قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار، فإن صدقتما فأثبتا وإن كذبتما فغطيا رءوسكما وانصرفا، فغطيا رؤسهما وانصرفا.
(٥) (الخصم) على الصحيح من المذهب لتوقف صحة حكمه عليها حيث جهل حال البينة.
(٦) (في حقوق الآدميين) هذا المذهب إذا ادعى حقًّا على غائب فعلى الحاكم سماع البينة والحكم بها إذا كملت الشروط. زاد.
(٧) (مستتر) في البلد أو دون مسافة القصر أو ميت أو صغير أو مجنون، لحديث هند امرأة أبي سفيان.
(٨) (الغائب) وعن أحمد مثله، وروي ذلك عن القاسم والشعبي، إلا أن أبا حنيفة قال إذا كان له خصم حاضر من وكيل أو شفيع جاز الحكم عليه.