وحده كرب الثلث مع الثلثين فطلب أحدهما القسمة لم يجبر الممتنع ولو كان الطالب المتضرر، وقيل إن طلبه من يتضرر أجبر الآخر (١) فإن كان بينهما حائط أو عرضة (٢) فطلب أحدهما قسمته ولو طولا في كمال العرض أو العرصة عرضًا ولو وسعت حائطين لم يجبر الممتنع (٣).
(فصل) وإن تهايأ في الحيوان اللبون ليحلب هذا يومًا أو في الشجرة المثمرة لتكون الثمرة لهذا عامًا ولهذا عامًا لم يصح لما فيه من التفاوت الظاهر. لكن طريقه أن يبيح كل واحد منهما نصيبه لصاحبه في المدة ويكون ذلك جائزًا لا لازمًا (٤) فإن رجع أحدهما بعد استيفاء نوبته غرم ما انفرد به، وقال الشيخ لا تنفسخ حتى ينقضي الدور ويستوفي كل واحد حقه، وإن تراضيا على قسم المنافع كدار منفعتها لهما بزمان تجعل الدار بيد أحدهما شهرًا أو عامًا ونحوه وفي يد الآخر مثلها أو بمكان كسكنى هذا بيت والآخر في بيت جاز ونفقة الحيوان في زمن نوبة كل واحد في المهايأة عليه وكان ذلك كله جائزًا على الصحيح من المذهب واختار في المحرر لزومه إن تعاقدا مدة معلومة وجزم به في الوجيز وذكر ابن البناء أن الحاكم يجبر الشركاء على قسمة المنافع بالمهايأة إذا اختلفوا أو يؤجرها عليهم، ولو استوفى أحدهما نوبته ثم تلفت المنافع في مدة الآخر فإنه يرجع على الأول ببدل حصته من تلك المدة (٥) وإن نقص الحادث عن العادة فللآخر الفسخ، وإن كان بينهما أرض ذات زرع لهما فطلب أحدهما قسمها مع الزرع أو قسم الزرع مفردًا لم يجبر الآخر (٦)
(١)(الآخر) اختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح، وبه قال أبو حنيفة ومالك، والصحيح من المذهب لا إجبار على الممتنع منهما في الصورتين لنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال.
(٢)(أو عرصة) هي موضع الحائط بعد استهدامه.
(٣)(الممتنع) هذا أحد الوجهين والمذهب منهما اختاره المصنف، قال في شرح المحرر لأنه إن كان الحائط مبنيًا لم تمكن قسمته عرضًا في تمام طوله بدون نقضه لينفصل أحدهما من الآخر ولا طولا في تمام العرض، وقيل إن طلب قسمها عرضًا وكانت تسع حائطين أجبر وإلا فلا.
(٤)(لا لازمًا) سواء عينا مدة أو لا كالعارية من الجهتين.
(٥)(المدة) ما لم يكن رضى بمنفعة الزمن من المتأخر على أي حال كان، أفتى به الشيخ.
(٦)(الآخر) هذا المذهب وبه قال الشافعي، لأن الزرع يكون فيه جيد وريء فإن جعل الكثير من الرديء في مقابلة القليل من الجيد كان صاحب الرديء منتفعًا من الأرض بأكثر من حقه منهما لأن الزرع يجب بقاؤه في الأرض إلى الحصاد.