للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معيداً بعد وصوله إليها بقليل، وأقام معيداً نحو أربع سنين، والمدرس بها يوم ذاك أبو نصر أحمد بن عبد الله بن محمد الشاشي. وكانت ولاية ابن الشاشي المذكور التدريس بالنظامية في شهر ربيع الآخر من سنة ست وستين وخمسمائة، وعزل عنها في سلخ شهر رجب سنة تسع وستين، وتولاها بعده رضي الدين أبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني في التاريخ المذكور، وأبو المحاسن المذكور مستمر بها على الإعادة. وكان رفيقه في الإعادة السديد محمد السلماسي - وقد تقدم ذكره (١) - ثم أصعد إلى الموصل في سنة تسع وستين فترتب مدرساً في المدرسة التي أنشأها القاضي كمال الدين أبو الفضل محمد بن الشهرزوري - المقدم ذكره (٢) - ولازم الاشتغال، وانتفع به جماعة.

وله كتاب في الأقضية سماه " ملجأ الحكام عند التباس الأحكام " ذكر في أوائله أنه حج في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة وزار البيت المقدس والخليل عليه أفضل الصلاة والسلام، بعد الحج والزيارة للرسول صلى الله عليه وسلم. ثم دخل دمشق والسلطان صلاح الدين محاصر قلعة كوكب، فذكر أنه سمع بوصوله فاستدعاه إليه، فظن أنه يسأله عن كيفية قتل الأمير شمس الدين ابن المقدم (٣) ، فإنه كان أمير الحاج في تلك السنة من جهة صلاح الدين، وقتل على جبل عرفات لأمر يطول شرحه، وليس هذا موضع ذكره. فلما دخل عليه ذكر أنه قابله بالإكرام التام، وما زاد على السؤال عن الطريق، ومن كان فيه من مشايخ العلم والعمل، وسأله عن جزء من الحديث ليسمعه عليه، فأخرج له جزءاً جمع فيه أذكار البخاري، وأنه قرأه عليه بنفسه، فلما خرج من عنده تبعه عماد الدين الكاتب الأصفهاني وقال له: السلطان


(١) ج ٤: ٢٣٧.
(٢) ج ٤: ٢٤١.
(٣) هو محمد بن عبد الملك المعروف بابن المقدم، اختلف مع طاش تكين أمير الحاج العراقي عام ٥٨٣ حول الإفاضة من عرفات قبله، فلم يستجب ابن المقدم له فهجم العراقيون على الحجاج الشاميين وفتكوا فيهم، وجرح ابن المقدم وهو يكف الناس عن القتال (انظر ابن الأثير ١١: ٥٥٩ - ٥٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>