للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وميافارقين ليخرجه من الشام ويتوفر الشام على أولاده، فكان ما كان.

قلت: وقد تقدم في ترجمة عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود صاحب الموصل فصل يتعلق بنزول صلاح الدين على الموصل وحصارها ثلاث مرار، ولم يقدر عليها. قال شيخنا ابن الاثير في تاريخه (١) : إنه نزل عليها في الدفعة الثالثة وكان زمن الشتاء، وعزم على المقام وإقطاع جميع بلاد الموصل، وكان نزوله في شعبان من سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، فأقام شعبان وشهر رمضان، وترددت الرسل بينه وبين صاحبها. فبينما هو كذلك مرض صلاح الدين فعاد إلى حران. ولحقته الرسل بالإجابة إلى ما طلب. وتم الصلح على أن يسلم إليه صاحب الموصل شهرزور وأعمالها وولاية القرابلي (٢) وما وراء الزاب من الأعمال، وأن يخطب له على المنابر وينقش اسمه على السكة، فلما حلف أرسل صلاح الدين نوابه وتسلم البلاد التي استقرت القاعدة على تسليمها. وطال المرض على صلاح الدين بحران. واشتد به. حتى أيسوا منه، فحلف الناس لأولاده، وكان عنده منهم الملك العزيز عماد الدين عثمان، وأخوه العادل جاءه من حلب وهو ملكها يومئذ. وجعل لكل واحد شيئاً من البلاد، وجعل الملك العادل وصياً على الجميع. ثم إنه عوفي وعاد إلى دمشق في المحرم من سنة اثنتين وثمانين، ولما كان مريضاً بحران، كان عنده ناصر الدين محمد ابن عمه [شيركوه] (٣) وله من الإقطاع حمص والرحبة، فسار من عنده إلى حمص واجتاز بحلب. وأحضر جماعة من الأحداث ووعدهم وأعطاهم مالاً. ولما وصل إلى حمص راسل جماعة من أهل دمشق ووعدهم على تسليم دمشق إليه إذا مات صلاح الدين. فعوفي ولم يمض قليل حتى مات ناصر الدين ليلة عيد النحر من السنة، فإنه شرب


(١) تاريخ ابن الأثير ١١: ٥١٧.
(٢) هي بالباء الموحدة بخط المؤلف، وكذلك في تاريخ ابن الأثير، وقرأها دي سلان قرايلي بالياء المثناة، وقال أنها ممر جبلي في ولاية كركور على الشاطئ الشرقي من دجلة واعتمد في قراءتها على نسخة أبي الفدا من تاريخه.
(٣) زيادة من المختار.

<<  <  ج: ص:  >  >>