للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمر فأكثر منه فأصبح ميتاً، وقيل إن صلاح الدين وضع (١) عليه إنساناً فحضر عنده، ونادمه وسقاه سماً، فلما أصبحوا من الغد لم يروا ذلك الشخص، وكان يقال له الناصح بن العميد، فسألوا عنه، فقالوا إنه سار من ليلته، وكان هذا مما قوى الظن، والله أعلم. فلما توفي أعطى إقطاعه لولده شيركوه وعمره اثنتا عشرة سنة، وخلف من الأموال والدواب والأثاث شيئاً كثيراً، فحضر صلاح الدين إلى حمص واستعرض تركته وأخذ أكثرها، ولم يترك إلا ما لا خير فيه. ثم قال شيخنا بعد هذا كله: وبلغني أن شيركوه حضر عند صلاح الدين بعد موت أبيه بسنة فقال له: إلى أين بلغت في القرآن فقال له: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً " النساء:١٠ " فعجب الجماعة وصلاح الدين من ذكائه، والله اعلم بصحة ذلك.

قال ابن شداد (٢) : ولما وصل صلاح الدين إلى دمشق عقيب مرضه وإبلاله سير طلب أخاه الملك العادل، فخرج من حلب جريدة ليلة السبت الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وثمانين، ومضى إلى دمشق فأقام في خدمة السلطان صلاح الدين، وجرت بينهما أحاديث ومراجعات وقواعد تتقرر إلى جمادى الآخرة من السنة، فاستقر الأمر على عود الملك العادل إلى مصر، وأخذت حلب منه وسار الملك الظاهر إليها فدخل قلعتها يوم السبت سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة؛ وقد ذكرت في ترجمة الملك الظاهر أنه دخل حلب مالكاً لها في مثل يوم وفاته، وعينت هناك التاريخ واسم اليوم، وهكذا وجدته، وما أدري من أين نقلته.

وسلم السلطان ولده الملك العزيز إلى العادل وجعله أتابكه، وقال ابن شداد (٣) قال لي الملك العادل: لما استقرت هذه القاعدة اجتمعت بخدمة


(١) المختار: دس.
(٢) السيرة: ٧٢.
(٣) السيرة: ٧٢ - ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>