للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك العزيز والملك الظاهر وجلست بينهما، وقلت للملك العزيز: اعلم يا مولاي أن السلطان أمرني أن أسير في خدمتك إلى مصر، وأنا أعلم أن المقدمين كثير، وما يخلو أن يقال عني ما لا يجوز، ويخوفوك (١) مني، فإن كان لك عزم أن تسمع منهم فقل لي حتى لا أجيء، فقال: كيف يتهيأ لي أن أسمع منهم أو أرجع إلى رأيهم ثم التفت إلى الملك الظاهر وقلت له: أنا أعرف أن أخاك ربما سمع في أقوال المقدمين، وأنا فما لي إلا أنت، وقد قنعت منك بمنبج متى ضاق صدري من جانبه، فقال: مبارك، وذكر لي كل خير.

وزوج السلطان ولده الملك الظاهر غازية خاتون (٢) ابنة أخيه الملك العادل، ودخل بها يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر رمضان من السنة.

ثم كانت وقعة حطين المباركة على المسلمين، قال (٣) : وكانت في يوم السبت رابع عشر شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة في وسط نهار الجمعة، وكان كثيراً ما يقصد لقاء العدو في يوم الجمعة عند الصلاة تبركاً بدعاء المسلمين والخطباء على المنابر، فسار في ذلك الوقت بمن اجتمع له من العساكر الإسلامية، وكانت تجوز العد والحصر، على تعبية حسنة وهيئة جميلة، وكان قد بلغه عن العدو أنه اجتمع في عدة كثيرة بمرج صفورية بأرض عكا عندما بلغهم اجتماع العساكر الإسلامية، فسار ونزل على بحيرة طبرية ثم رحل ونزل على طبرية على سطح الجبل ينتظر قصد الفرنج له، إذا بلغهم نزوله بالموضع المذكور، فلم يتحركوا ولا خرجوا من منزلتهم، وكان نزولهم بالموضع المذكور يوم الأربعاء الحادي والعشرين من شهر ربيع الآخر، فلما رآهم لا يتحركون نزل جريدة على طبرية، وترك الأطلاب على حالها قبالة العدو، ونازل طبرية وهجمها وأخذها في ساعة واحدة، وانتهب الناس ما بها وأخذوا في القتل والسبي والحريق، وبقيت القلعة محتمية بمن فيها.


(١) المختار: ويخفونك.
(٢) انظر ذيل المرأة ١: ٧٥.
(٣) السيرة: ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>