للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وكان يوم موته يوماً لم يصب الإسلام والمسلمون بمثله منذ فقد الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، وغشي القلعة والملك والدنيا وحشة لا يعلمها إلا الله تعالى. وبالله لقد كنت أسمع من الناس أنهم يتمنون فداء من يعز عليهم بنفوسهم، وكنت أتوهم أن هذا الحديث على ضرب من التجوز والترخص، إلى ذلك اليوم فإني علمت من نفسي ومن غيري أنه لو قبل الفداء لفدي بالأنفس.

ثم جلس ولده الملك الأفضل للعزاء، وغسله الدولعي.

(٣٩١) قلت: الدولعي المذكور (١) ، هو ضياء الدين أبو القاسم عبد الملك بن زيد بن ياسين بن زيد بن قائد بن جميل التغلبي الأرقمي الدولعي الشافعي، خطيب جامع دمشق. توفي في ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وخمسمائة وسئل عن مولده فقال: في سنة سبع وخمسمائة، ثم ذكر غير هذا، والله أعلم؛ ودفن بمقابر الشهداء بباب الصغير.

قال: وأخرج بعد صلاة الظهر، رحمه الله، في تابوت مسجى بثوب فوط، فارتفعت الأصوات عند مشاهدته وعظم الضجيج وأخذ الناس في البكاء والعويل، وصلوا عليه أرسالاً، ثم أعيد إلى الدار التي في البستان، وهي التي كان متمرضاً بها، ودفن في الضفة الغربيةمنها، وكان نزوله في حفرته قريباً من صلاة العصر.

ثم أطال ابن شداد القول في ذلك فحذفته خوفاً من الملالة، وأنشد في آخر " السيرة " (٢) بيت أبي تمام الطائي، وهو:

ثم انقضت تلك السنون وأهلها ... فكأنها وكأنهم أحلام


(١) ترجمة الدولعي في معجم البلدان (دولع) والذيل على الروضتين: ٣١ وعبر الذهبي ٤: ٣٠٣ والبداية والنهاية ١٣: ٣٣ والنجوم الزاهرة ٦: ٨١ والأسنوي ١: ٥١٣ وشذرات الذهب ٤: ٣٣٦ وابن قاضي شهبة: ١٥١.
(٢) السيرة: ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>