فلمّا غابت عنّي، قلت: هذا الآن، هو الحيلة المحكمة، أعطتني خمسة آلاف درهم، وأخذت ألف دينار، وليس إلّا بيع عقاري الآن، والحصول على الفقر المدقع، ثم سمحت نفسي برؤيتها مع الفقر.
وتطاولت غيبتها نحو شهر، وألحّ عليّ التجار في المطالبة، فعرضت عقاري على البيع، ولازمني بعض التجّار، فوزنت جميع ما أملكه، ورقا وعينا.
فأنا كذلك، إذ نزلت عندي، قزال عنّي جميع ما كنت فيه برؤيتها، فاستدعت الطيار والتخت، فوزنت المال، ورمت إليّ تذكرة يزيد ما فيها على ألفي دينار بكثير.
فتشاغلت بإحضار التجار، ودفع أموالهم، وأخذ المتاع منهم، وطال الحديث بيننا، فقالت: يا فتى، لك زوجة؟
فقلت: لا، والله، ما عرفت امرأة قط.
وأطمعني ذلك فيها، وقلت: هذا وقت خطابها والإمساك عنها عجز، ولعلّها لا تعود.
وأردت كلامها فهبتها، وقمت كأنّي أحثّ التجّار على جميع المتاع، وأخذت يد الخادم، وأخرجت له دنانير، وسألته أن يأخذها، ويقضي لي حاجة.
فقال: أفعل، وأبلغ محبّتك، ولا آخذ شيئا.
فقصصت عليه قصّتي، وسألته توسّط الأمر بيني وبينها.
فضحك، وقال: إنّها لك أعشق منك لها، ووالله ما بها حاجة إلى أكثر هذا الذي تشتريه، وإنّما تجيئك محبّة لك، وتطريقا إلى مطاولتك «١» ،