للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر مظفر بن عليّ الكاتب «١» ، قال: اجتمعت برجل من بني ضبّة، يكنى أبا رشيد، فذكر انّه حضر قتل المتنبي، وكان صبيّا، حين راهق حينئذ.

وكان المتنبي قد وفد على عضد الدولة، وهو بشيراز، ثم صحبه إلى الأهواز، فأكرمه ووصله بثلاثة آلاف دينار، وثلاث كسى، في كلّ كسوة سبع قطع، وثلاثة أفراس، بسروج محلاة، ثم دسّ عليه من سأله: أين هذا العطاء من عطاء سيف الدولة ابن حمدان؟

فقال المتنبي: هذا أجزل إلّا أنّه عطاء متكلّف، وكان سيف الدولة يعطي طبعا.

فاغتاظ عضد الدولة، لمّا نقل إليه هذا، وأذن لقوم من بني ضبّة، في قتله، إذا انصرف.

قال: فمضيت مع أبي، وكنّا في ستّين راكبا، فكنّا في واد، فمّر في الليل، ولم نعلم به، فلمّا أصبحنا، تبعنا أثره، فلحقناه، وقد نزل تحت شجرة كمّثرى، وعندها عين، وبين يديه سفرة طعام.

فلما رآنا قام، ونادى: هلمّوا وجوه العرب، فلم يجبه أحد، فأحسّ بالداهية، فركب ومعه ولده، وخمسة عشر غلاما له، وجمعوا الرحال، والجمال، والبغال، فلو ثبت مع الرجالة لم نقدر عليه، ولكنه برز الينا يطاردنا.

قال: فقتل ولده، وأحد غلمانه، وانهزم يسيرا، فقال له غلام له:

أين قولك؟:

الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والحرب والضرب والقرطاس والقلم