هوان، أنت تعلم أنّني قد أحسنت إلى الناس دفعتين، فما شكروني، وسعوا على دمي، وو الله لأسلكنّ بهم ضدّ تلك الطريقة.
فلمّا خرجنا من حضرته، قال لي أبي: سمعت أعجب من هذا القول؟
إذا كنّا لم نسلم مع الإحسان، نسلم مع الإساءة؟ فما مضى إلّا أيام يسيرة، حتى قبض عليه، وجرى ما جرى في أمره.
قال القاضي أبو علي التنوخي: قلت لأبي الحسين بن هشام: قد عرفنا خبر المزيّن مع كسرى، وهو أنه جلس ليصلح وجهه، فقال له: أيّها الملك زوّجني بنتك، فأمر بأن يقام، فأقيم.
وقيل له: ما قلت؟
فقال: لم أقل شيئا، ففعل به ذلك ثلاث دفعات.
فقال الملك: لهذا المزيّن خطب، وأحضر أهل الرأي، فأخبرهم بحاله.
فقال جميعهم: ما أنطق هذا المزيّن، إلّا باعث بعثه من مال وراء ظهره، فأنفذ إلى منزله، فلم يوجد له شيء.
فقال الملك: احفروا مكان مقعده عند خدمته لي، فحفر، فوجد تحته كنز عظيم.
فقال الملك: هذا الكنز كان يخاطبني.
ثم قلت لأبي الحسين: فهل تعرف خبر الحجّام، مع الحجّاج؟
فقال: نعم، بلغنا أنّ الحجاج «١» ، احتجم ذات يوم، فلما ركّب الحجّام المحاجم على رقبته، قال: أحبّ أيها الأمير، أن تخبرني بخبرك مع ابن الأشعث «٢» ،