للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عزّ والله، عليّ يا ابن أخي، ولن أدع حيلة في طلب الشفاء لك.

فانصرف إلى منزله، وأرسل إلى مولاة له، كانت ذات عقل، فأوصاها به، وبالتعاهد له، والقيام عليه.

فلما دخلت المولاة عليه، فتأمّلته، علمت انّ الذي به عشق، فقعدت عند رأسه، فأجرت ذكر صفوة، لتستيقن ما عنده، فلما سمع ذكرها زفر زفرة، فقالت المرأة: والله، ما زفر إلّا من هوى داخله، ولا أظنه إلّا عاشقا.

فأقبلت عليه كالممازحة له، فقالت له: حتى متى تبلي جسمك، فو الله ما أظن الذي بك إلا هوى.

فقال لها إياس: يا أمّه، لقد ظننت بي ظن سوء، فكفّي عن مزاحك.

فقالت: إنّك، والله، لن تبديه إلى أحد هو أكتم له من قلبي، فلم تزل تعطيه المواثيق، وتقسم عليه، إلى أن قالت له: بحق صفوة.

فقال لها: لقد أقسمت عليّ بعظيم لو سألتني به روحي لدفعتها إليك، ثم قال: والله يا أمّه، ما عظم دائي، إلّا بالاسم الذي أقسمت عليّ بحقّه، فالله، الله، في كتمانه، وطلب وجه الحيلة فيه.

فقالت: أما إذ أطلعتني عليه، فسأبلغ فيه رضاك، إن شاء الله.

فسرّ بذلك، وأرسل معها بالسلام إلى صفوة، فلما دخلت عليها، ابتدأتها صفوة بالمسألة عن الذي بلغها من مرضه، وشدة حاله، فاستبشرت المولاة بذلك.

ثم قالت: يا صفوة، ما حالة من يبيت الليل ساهرا محزونا يرعى النجوم ويتمنّى الموت؟

فقالت صفوة: ما أظن هذا على ما ذكرت بباق، وما أسرع منه الفراق.