فقلت لذلك الفتى، فترك الأكل، وجلس هو وأستاذه يحفظاني، إلى أن أكلت الجماعة، ووكّلا بي قوما من أصحابهم ممّن أكل، وجلسا يأكلان.
واستدعياني للأكل معهما، فأردت إيجاب الذمام عليهما، فأكلت معهما أكل معرض، لقمة واحدة، أو لقمتين، بلا شهوة ولا عقل.
فقال لهم: الآن أكلتم، وترك هذا خطأ، فاقتلوه.
فعاد الكلام في قتلي، وأقبل أولئك يمنعون، وتزايد الأمر إلى أن جرّد بعضهم السيوف على بعض، وجعلني أولئك وراءهم، وأقبلوا يجادلون عني، وأولئك ينخسوني من خلفهم بأطراف السيوف، وأنا أروغ خوفا من أن يصل إليّ بعض ذلك، فيقتلني، وأنا أحلف لهم أنّي إن سلمت لم أنبّه عليهم، إلى أن كادوا يتجارحون.
ودخل بعضهم بينهم، وقالوا: لا يكون هذا ميشوما عليكم، فدعوه.
فتوافقوا على الكفّ عني، وجلسوا يشربون، فلما أرادوا أن يخرجوا، قالوا: يتوكّل به من يتعصّب له، حتى نخرج نحن، فإن صاح، بلي به من خلّصه.
فقال لي الفتى وأستاذه: قد سمعت يا فتى، فلا تكافنا على الجميل بقبيح.
فحلفت لهم بالله، أنّي لا أنبه عليهم، فخرجت الجماعة، إلّا الغلام وأستاده، فلما بعدت الجماعة، خرج النفسان «١» .