وهو يدافع، ويتشاغل، إلى أن مدّ حامد الدواة من بين يديه إلى أبي عمر ودعا بدرج، فدفعه إليه.
وألحّ عليه حامد بالمطالبة بالكتاب، إلحاحا لم يمكنه معه المخالفة، فكتب بإحلال دمه، وكتب بعده من حضر المجلس.
ولما تبيّن الحلّاج الصورة، قال: ظهري حمى، ودمي حرام، وما يحلّ لكم أن تتأوّلوا عليّ بما يبيحه، واعتقادي الإسلام، ومذهبي السنّة، وتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح «١» ، ولي كتب في السنّة موجودة في الورّاقين، فالله الله من دمي.
ولم يزل يردّد هذا القول، والقوم يكتبون خطوطهم، إلى أن استكملوا ما احتاجوا إليه، ونهضوا عن المجلس، ورد الحلّاج إلى موضعه الذي كان فيه.
ودفع حامد ذلك المحضر إلى والدي، وتقدّم إليه أن يكتب إلى المقتدر بالله، بخبر المجلس، وما جرى فيه، وينفذ الجواب عنها.
فكتب الرقعتين، وأنفذ الفتوى درج الرقعة إلى المقتدر بالله.
وأبطأ الجواب يومين، فغلظ ذلك على حامد، ولحقه ندم على ما كتب به، وتخوّف أن يكون قد وقع غير موقعه، ولم يجد بدا من نصرة ما عمله.
فكتب بخط والدي، رقعة إلى المقتدر بالله، في اليوم الثالث، يقتضي فيها ما تضمّنته الأولى، ويقول: إنّ ما جرى في المجلس، قد شاع وانتشر، ومتى لم يتبعه قتل الحلّاج، افتتن الناس به، ولم يختلف عليه اثنان، ويستأذن