للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتهى منها، نشأت عندى أنا قضيتان: وأرجو أن تقرأ هذا بشيء من التدقيق، ومعذرة أيضا من هذا التوسل:

القضية الأولى

القضية الأولى: "قضية الشعر الجاهلى": وهي قضية قد أكثرت من ترديد ذكرها في مواضع مختلفات في أكثر ما أكتب، لأنها هي القضية التي أحدثت في حياتي، وفي طلبى للعلم، تغييرا حاسما، فيما بعد سنة ١٩٢٦، وأنا يومئذ في السابعة عشرة من عمرى. وهي بلا شك، مرتبطة ارتباطا ما بالدكتور طه، وبسماعى محاضراته في الشعر الجاهلى، وأظن أن هذا "الارتباط"، وخاصة بعد أن قطعت دراستى في الجامعة فجأة، هو الذي أوهم أنه كانت بينى وبين الدكتور طه (خصومة)، ظلت تنسحب، عند كثير من الناس، على كل ما أكتبه وأذكر فيه الدكتور طه. وليس هذا بصحيح البتة، لأن "قضية الشعر الجاهلى" كانت، ولم تزل إلى اليوم، "هي قضيتي أنا وحدي، بيني وبين نفسي، ليس لأحد فيها ذنب ولا جريرة. ومن أجل ذلك لم أكد أفرغ من قصتى في الجامعة، ومن قصة انقطاعى عن الجامعة وفراقها بعد سنتين، (المتنبي ١: ٩ - ٣٦)، حتى قلت بعد ذلك مباشرة في أول ص: ٢٧:

"ومرت بي الأيام والليالى والسنون، ما بين سنة ١٩٢٨ وسنة ١٩٣٦، التي كتبت فيها هذا الكتاب "المتنبي"، وهمى مصروف أكثره إِلى قضية الشعر الجاهلى إِلى طلب اليقين فيها لنفسي، لا لمعارضة أحد من الناس (وأعني الدكتور طه بلا شك)، مشت بي هذه القضية في رحلة طويلة شاقة، ودخلت بي في دروب وعرة شائكة، وكلما أوغلت انكشفت عني غشاوة من العمى".

ثم عدت فذكرتها في كتابى مرة أخرى زدتها وضوحا فقلت: ". . وفي خلال ذلك، لم يكن لي مطلب سوى مطلب واحد: أن أجد برد اليقين في نفسي، في شأن "الشعر الجاهلى". وفي شأن ما نسميه "إعجاز القرآن"، (المتنبي ١: ٤٧، ٤٨).

ثم عدت فذكرتها ونكرت فراقى للجامعة، وذكرت ما كان من سبب طلبى