وأحب أن أصدقك القول عن نفسي. لو أن الأمر في "مسألة الشعر الجاهلي" لم يكن كما كان: لكان يكون ممكنا، على وجه من الوجوه أن تقع بيني وبين الدكتور طه (خصومة ما) وذلك إن صح فعلا أنه شك أولا من عند نفسه: ثم أداه شكه إلى "مسألة" إبطال صحة رواية الشعر الجاهلي. ولكن هذا لم يصح البتة: ولن يصح لأنه لم يزد على أن جاء فنقل مسألة إبطال صحة رواية الشعر الجاهلي، من الإنجليزية إلى العربية، نقلا لا يستره ساتر، ولا يقبل في شأنه تأويل أو انتحال عذر، وببطلان هذا، بطل أيضا معنى (الخصومة) بيني وبينه.
ومن الدليل أيضا على بطلان كل (خصومة) بيني وبين الدكتور طه، جرتها "مسألة الشعر الجاهلي"، أنى لم أكتب يومئذ، ولا بعد ذلك اليوم، وإلى يوم الناس هذا: شيئا يمكن أن يعد ردا مباشرا على ما تضمنته "حاشية الدكتور طه على متن مرجليوث"، وذلك لأن هذه "المسألة" برمتها كما هي في المتن والحاشية، كانت، ولم تزل، هي عندي مسألة فارغة بذرتها ثرثرة، وشجرتها ثرثرة، وثمرتها ثرثرة، أي هي مسألة لا طعم لها. وهذا حسبك: إن شئت متفضلا، في نفي كل شبهة تؤدى إلى الظن بأنه كانت بيني وبين الدكتور طه (خصومة) قديمة، من أجل آرائه التي كان يرددها في "مسألة الشعر الجاهلي" وهو حسبك أيضا في إزالة كل وهم عن (خصومة) كانت، يحدثها اقتران هذه "المسألة" بما كان من أمر مفارقتى الجامعة، بعد سنتين من بدء حديثه فيها. فهذا بيان موجز عن القضية الأولى، ومعذرة إن أطلت أو كررت.
القضية الثانية
أما القضية الثانية التي نشأت عندي أنا، أي عندي أنا وحدي مرة أخرى، وكانت محاضرات الدكتور طه سببا في نشأتها يوم كنت طالبا عنده في الجامعة، فهي "قضية السطو" على أقوال الناس وآرائهم وأعمالهم، ثم ادعاء تملكها تملك عزيز مقتدر، ثم الاستعلاء بهذا الملك المغصوب والاستطالة به على الناس. وأبشع من ذلك: أن ينكشف أمر هذا الغصب والسطو. ويتسامع به الناس: