للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حسبنا هذا القدر من التاريخ الممل، ذكرته واضحا لمن يتأمله، وفيه من جوانب فضل الدكتور طه ما ينفي كل (خصومة) متوهمة، ولم أنس قط يدا كانت للرجل عندي. ومنذ سنة ١٩٤٠ ظل الود بيني وبينه إلى أن أفضي إلى ربه غفر الله لنا وله. وكان في حياته يقرأ كل ما أكتبه وأذكر فيه "قضية الشعر الجاهلي"، فلم أجد عنده ولا عندي (خصومة) تبلغ بي أو به حد "اللدد في الخصومة". وإذا كان، أيها العزيز، بعض ما في كلامي وألفاظي، وأنا أذكره قد ارتفع بك إلى إستخراج (خصومة) تنسبها إلي، فهذا ليس يجرى عندي على هذا الوجه. و (الخصومة) على الوجه الذي دل عليه كلامك، ليست مما أتعامل به فيما أكتب. فما من شيمتى أن أخاصم أشخاص الرجال على آرائهم أو أفعالهم، فإذا خاصمت فأنا أخاصم الآراء والأفعال نفسها، ولا أتجاوز بخصومتى إلى أصحابها والفاعليها. . نعم، إن "الأساتذة الكبار" قد سنوا في (الخصومة) سننا جرت عليها حياتنا الأدبية، فألفها الناس حتى لم يعد أحد ينكرها أو يعيد النظر فيها، فكأنك معذور كل العذر، إذ جعلت تقيس سُنَّتى في الكتابة على سُنَّتهم، ولكني لست من "الأساتذة الكبار" في شيء بحمد الله.

قضية السطو

كذلك. . "قضية السطو"، وهي إلى هذا اليوم قضية جارية في حياتنا الأدبية، حاولت في مقدمة كتابى "المتنبي" أن أكشف عن جذورها وأصولها وبعض أساليبها، ثم قلت: "والقصة تطول، ومع ذلك فليس هذا مكان قصتها على وجهها، إذا أنا أردت أن أقيد ما كان كما شهدته فيما بين سنة ١٩٢٨ وسنة ١٩٣٦، بل إلى ما بعد ذلك إلى يومنا هذا"، (المتنبي ١: ٣٨) وإذا كان طول إلفها قد جعلها مستساغه، أو بعيدة عن التناول، أو في ضل وارف يسترها عن أعين الناظرين، فذلك لا ينفيها، أو لا يحجبها عن العين الفاحصة التي تتدسس إلى الأعماق. ومع ذلك، فأنا أحب أن أجعلك على بينة من أمرها عندي. فقد ذكرت لك أنها إحدى قضيتين نشأتا عندي، وأنا في الجامعة،