للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال إن من (كل موجود)، أي من أفراد الموجودات ما يسمى بقّا. . . . إلخ، فالحرف (من) في كلام الرافعي ليس هو الحرف (من) الذي في شعر العقاد حتى يجوز ما ذهب إليه الأستاذ قطب بما ساء من تعليقه.

وقد أطلت القول في تقرير نقد توحى بصحته سلامة الفطرة، وحسن الذوق، وصفاء القريحة، ويوجبه اصطلاح المنطق، وحَدُّ الكلام، وإتقان الفلسفة، ويقتضيه ما ذهب الشاعر يسرده مما هو "في صاحبته" معددًا مبينًا مفصلًا حتى انتهى إلى إجمال المعاني في هذا البيت. فقد قال لها: فيك من الشمس والبدر، ومن الربيع والشتاء، ومن غناء الطير ونوح الحمام، ومن انسياب الماء، ومن طبائع الوحش، ومن حركة الأسماك، وفيك من جوارح الطير، ومن النعام، ومن نار الحياتَيْن، ومن الموت الزؤام، ومن نقص الدنيا، وكمال الآخرة، ومن الملائكة، ومن الشياطين، ومن الخمر، ومن القوت، ومن الماء، ومن الجوع، ومن الأرض، ومن السماء، ومن عمل الأيام والدهور، ومن الهندسة ومن الفن. . . . ثمَّ.

" فيك مني ومن الناس ومن ... كل موجود وموعود تؤام"! !

أفلا يدل هذا على أن الشاعر الفيلسوف كَلَّ (١) التفصيل فرَمى بالجملة في (كل شيء) من (موجود وموعود) بعد الذي تعب في بيانه وتفصيله وذكره وتعداده؟ ؟ وأي شيء بقى له لم يعدده من متنوع الصفات ومختلف النزعات وشتى المزايا والعالم الكامل! إلا هناتٌ هينات كذا وكذا. . . . وما ذكر الرافعي.

هذا. . . وقد اقتصر الأستاذ على نقل بعض كلام الرافعي في نقد هذا البيت ونحن نتمه للقراء بعد ذلك:

"إن ذلك المعنى الذي بَنى عليه هذا المسكين غزلَهُ الفلسفي قد مرّ في ذهن أعرابيّ لم يتعلّم ولم يدرس الفلسفة، ولا قرأ الشر الإنجليزي والفرنسي والألماني والفارسي، وليس له إلا ذوقه وسليقته وطبيعته الشعرية، فصفى المعنى تصفية جاءت كأنما تقطر من الفجر على ورق الزهر بقوله: زهر الآداب ج ٢ ص ٢٦١


(١) كَلَّ: تَعِب