للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" (١).

(وعن) بريدة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الإنسان ستون وثلثمائة مفصل فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منها صدقة، قالوا: فمن الذي يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: النخاعة في المسجد تدفنها، والشيء تنحيه عن الطريق، فإن لم تقدر فركعتا الضحى تجزئ عنك" أخرجه أحمد وابن حبان بسند جيد (٢). {١٨٥}

والمعنى أنه يندب لكل مكلف أن يتصدق بعدد مفاصله شكرا لله بأن جعل له مفاصل يتمكن بها من القبض والبسط. وخصت بالذكر لما في التصرف بها من دقائق الصنع التي اختص بها الآدمي. ولما فهم الصحابة رضي الله عنهم أن الصدقة لا تكون إلا بالمال وهم لا يقدرون على التصدق عن كل مفصل بين لهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ثواب الصدقة ليس محصورا في المال فقال: النخاعة في المسجد تدفنها ... الخ، أي يكتب لك بها ثواب المتصدق بالمال، وكذا تنحية الشيء المؤذي- كشوك أو حجر- عن الطريق تثاب عليها فإن لم يتيسر لك ذلك فصل ركعتين سنة الضحى تجزئك عن صدقة الجسد.

(وعن) أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، قال: تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة مشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الاذى عن الطريق صدقة" أخرجه أحمد والشيخان، وهذا لفظ مسلم (٣). {١٨٦}


(١) سورة البقرة: آية ١٥٢.
(٢) انظر ص ١٧٦ ج ٩ - الفتح الرباني (صدقة الجسد).
(٣) انظر ص ١٧٧ ج ٩ - الفتح الرباني وص ١٩٥ ج ٥ فتح الباري (فضل الإصلاح بين الناس) وص ٩٤ و ٩٥ ج ٧ نووي (كل نوع من المعروف صدقة) و (الخطوة) بفتح الخاء: المرة، وبضمها: ما بين القدمين.