واستدلّ به على استحباب تطويل الأولى على الثانية، وجمع بينه وبين حديث سعد السابق حيث قال: أركد في الأوليين، بأن المراد تطويلهما على الأخريين لا التسوية بينهما في الطول.
واستفيد من هذا أفضلية قراءة سورة كاملة ولو قصرت، على قراءة قدرها من طويلة. قال النووي وزاد البغوي: ولو قصرت السورة عن المقروء.
(ويسمع الآية أحيانًا) أي في أحيان، جمع حين، وهو يدل على تكرار ذلك منه. وللنسائي من حديث البراء: فنسمع منه الآية من سورة لقمان، والذاريات، ولابن خزيمة ﴿سبّح اسم ربك الأعلى﴾ و ﴿هل أتاك حديث الغاشية﴾.
فإن قلت: العلم بقراءة السورة في السرية لا يكون إلاّ بسماع كلها، وإنما يفيد يقين ذلك لو كان في الجهرية.
أجيب: باحتمال أن يكون مأخوذًا من سماع بعضها مع قيام القرينة على قراءة باقيها، أو أن النبي ﷺ كان يخبرهم عقب الصلاة دائمًا أو غالبًا بقراءة السورتين. وهو بعيد جدًّا، قاله ابن دقيق العيد ﵀.
(وكان)﵊(يقرأ في) صلاة (العصر بفاتحة الكتاب وسورتين) في كل ركعة سورة واحدة (وكان يطوّل) في قراءة غير الفاتحة (في) الركعة (الأولى) منها، أي ويقصر الثانية، (وكان يطول في) قراءة الركعة (الأولى من صلاة الصبح، وبقصر في الثانية) ويقاس المغرب والعشاء عليها.
والسُّنّة عند الشافعية أن يقرأ في الصبح والظهر من طوال المفصل، وفي العصر والعشاء من أوساطه، وفي المغرب من قصاره لأن الظهر وقت القيلولة، فطول ليدرك المتأخر، والعصر وقت إتمام الأعمال فخفف، وأما المغرب فإنها تأتي عند إعياء الناس من العمل وحاجتهم إلى العشاء، لا سيما الصوام.
ومحل سنية الطوال والأوساط إذا كان المصلي منفردًا، فإن كان إمامًا وكان المأمومون محصورين، وآثروا التطويل، استحب وإن لم يكونوا محصورين أو كانوا ولكن لم يؤثروا التطويل فلا يسن. هكذا جزم به النووي في شرح المهذّب، فقال: هذا الذي ذكرناه من استحباب طوال المفصل وأوساطه هو فيما إذا آثر المأمومون المحصورون ذلك. وإلاّ خفف.
وجزم به أيضًا في التحقيق، وشرح مسلم، وقال الحنابلة: في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي الباقي من أوساطه.
وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا، وكذا مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.