للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إشارته لحذيفة دليل على أنه لم يبعد منه بحيث لا يراه، والمعنى في إدنائه إياه مع استحباب الإبعاد في الحاجة أن يكون سترًا بينه وبين الناس إذ السباطة إنما تكون في الأفنية المسكونة أو قريبًا منها ولا تكاد تخلو عن مارّ وإنما انتبذ حذيفة لئلا يسمع شيئًا مما يقع في الحدث، فلما بال قائمًا وأمن منه ذلك أمره بالقرب منه.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي ورازي.

٦٢ - باب الْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ

(باب) حكم (البول عند سباطة قوم).

٢٢٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي الْبَوْلِ وَيَقُولُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَيْتَهُ أَمْسَكَ، أَتَى رَسُولُ اللَّهِ سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا.

وبه قال: (حدّثنا محمد بن عرعرة) بعينين وراءين مهملات (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي وائل) شقيق (قال):

(كان أبو موسى) عبد الله بن قيس (الأشعري) (يشدد في) الاحتراز من (البول) حتى كان يبول في قارورة خوفًا من أن يصيبه شيء من رشاشه (ويقول إن بني إسرائيل) بني يعقوب، وإسرائيل لقبه لأنه لما فاز بدعوة أبيه إسحاق دون أخيه عيصو توعده بالقتل فلحق بخاله ببابل أو بحران فكان يسير بالليل ويكمن بالنهار فسمي لذلك إسرائيل (كان) شأنهم (إذا أصاب) البول (ثوب أحدهم قرضه) أي قطعه، وللإسماعيلي قرضه بالمقراض، ولمسلم إذا أصاب جلد أحدهم أي الذي يلبسه أو جلد نفسه على ظاهره، ويؤيده رواية أبي داود إذا أصاب جسد أحدهم لكن رواية المؤلف صريحة في الثياب، فيحتمل أن بعضهم رواه بالمعنى (فقال حذيفة) بن اليمان (ليته) أي أبا

موسى الأشعري (أمسك) نفسه عن هذا التشديد فإنه خلاف السُّنّة، فقد (أتى رسول الله سباطة قوم فبال قائمًا) فلم يتكلف البول في القارورة، واستدل به مالك على الرخصة في مثل رؤوس الإبر من البول. نعم يقول بغسلها استحبابًا، وأبو حنيفة يسهل فيها كيسير كل النجاسات، وعند الشافعي يغسلها وجوبًا، وفي الاستدلال على الرخصة المذكورة ببوله قائمًا نظر لأنه في تلك الحالة لم يصل إليه منه شيء. قال ابن حبان: إنما بال قائمًا لأنه لم يجد مكانًا يصلح للقعود فقام لكون الطرف الذي يليه من السباطة عاليًا فأمن من أن يرتد عليه شيء من بوله أو كانت السباطة رخوة لا يرتد إلى البائل شيء من بوله.

ورواة هذا الحديث الستة ما بين شامي ومصري وكوفي وفيه التحديث والعنعنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>