اللام جواب قسم محذوف والفاء جواب شرط محذوف أي إن قمتم فوالله لأصلّي لكم. وتعقبه ابن السيد فقال: وغلط مَن توهّم أنه قسم لأنه لا وجه للقسم، ولو أُريد ذلك لقال لأصلينّ بالنون، وفي رواية الأصيلي: فالأصل بكسر اللام وحذف الياء على أن اللام للأمر والفعل مجزوم بحذفها، ولم يعزها في الفرع لأحد، وفي رواية حكاها ابن قرقول: فلنصل بكسر اللام وبالنون والجزم، وحينئذ فاللام للأمر وكسرها لغة معروفة. وفي رواية قيل: إنها للكشميهني. قال الحافظ ابن حجر، ولم أقف عليها في نسخة صحيحة فأصلّي بغير لام مع سكون الياء على صيغة الإخبار عن نفسه وهو خبر مبتدأ محذوف أي فأنا أصلي (لكم) أي لأجلكم وإن كان الظاهر أن يقول بكم بالموحدة والأمر في قوله قوموا. قال السهيلي فيما حكاه في فتح الباري بمعنى الخبر كقوله ﴿فليمدد له الرحمن مدّا﴾ [مريم: ٧٥] أو هو أمر لهم بالائتمام، لكن أضافه إلى نفسه لارتباط تعليمهم بفعله اهـ.
فإن قلت: لَمِ بدأ في قصة عتبان بن مالك بالصلاة قبل الطعام وهنا بدأ به قبل الصلاة؟ أُجيب: بأنه بدأ في كلٍّ منهما بأصل ما دعي لأجله أو دعي لهما، ولعل مليكة كان غرضها الأعظم الصلاة، ولكنها جعلت الطعام مقدّمة لها.
(قال أنس)﵁: (فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبس) بضم اللام وكسر الباء الموحدة أي استعمل ولبس كل شيء بحسبه (فنضحته) أي رششته (بماء) تليينًا له أو تنظيفًا (فقام رسول الله ﷺ) على الحصير (وصففت واليتيم) هو ضميرة بن أبي ضميرة بضم الضاد المعجمة وفتح الميم مولى رسول الله ﷺ كما في تجريد الصحابة للذهبي، وفي رواية غير المستملي والحموي.
وصففت أنا واليتيم بزيادة ضمير الرفع المنفصل لتأكيد المتصل ليصحّ العطف عليه نحو ﴿اسكن أنت وزوجك الجنة﴾ [البقرة: ٣٥] ورواية المستملي والحموي جارية على مذهب الكوفيين في جواز عدم التأكيد واليتيم بالرفع في رواية أبي ذر عطفًا على الضمير المرفوع، وبالنصب في نفس متن الفرع مصحّحًا عليه على المفعول معه أي وصففت أنا مع اليتيم (وراءه والعجوز) أي أُم سليم المذكورة (من ورائنا فصلّى لنا) أي لأجلنا (رسول الله ﷺ ركعتين ثم انصرف) من الصلاة وذهب إلى بيته.
وقد استنبط المالكية من هذا الحديث الحنث بافتراش الثوب المحلوف على لبسه. وأجاب الشافعية وبأنه لا يسمى لبسًا عرفًا والأيمان منوطة بالعرف، وحمل اللبس هنا على الافتراش إنما هو للقرينة ولأنه المفهوم وفيه مشروعية تأخر النساء عن صفوف الرجال وقيام المرأة صفًا وحدها إذا لم يكن معها امرأة غيرها، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلّف في الصلاة وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.