أو: هو إبقاء له على مخالفة أمر الله، واستمراره على معصيته وعدم الانقياد إليه فإذا دعا داعي الله، فرّ منه وأعرض عنه، فإذا حضرت الصلاة حضر مع المصلين غير مشارك لهم في الصلاة، بل ساعيًا في إبطالها عليهم، وهذا أبلغ في المعصية مما لو غاب عن الصلاة بالكلية، فصار حضوره عند الصلاة من جنس هربه عند الأذان. قاله في شرح التقريب.
(فإذا لم يدر أحدكم كم صلّى -ثلاثًا أو أربعًا- فليسجد سجدتين وهو جالس) أي: قبل التسليم بعد أن يأخذ بالأقل، لحديث أبي سعيد الخدري، المروي في مسلم: فليطرح الشك وليبن على ما استيقن فيحمل حديث أبي هريرة عليه فيأتي بركعة يتم بها.
قيل: ولا معنى للسجود، والأظهر أن له معنى، وهو تردّده. فإن كان المأتي به زائدًا فالزيادة تقتضيه، وإلا فالتردد يضعف النية، ويحوج إلى الجبر، ولا يقلد غيره، وإن كثروا وراقبوه، لقوله في حديث أبي سعيد المذكور: وليبن على اليقين. ولأنه تردد في فعل نفسه، فلا يأخذ بقول غيره فيه، كالحاكم إذا حكم ونسي حكمه، لا يأخذ بقول الشهود عليه.
وبالسند قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي. قال:(أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ، قال):
(إن أحدكم إذا قام يصلّي) فرضًا أو نفلاً، فإن قلت: قوله في الرواية السابقة قبل هذه إذا نودي بالصلاة، قرينة في أن المراد الفريضة، وكذا قوله: إذا ثوب؟
أجيب: بأن ذلك لا يمنع تناول النافلة، لأن الإتيان بها حينئذ مطلوب، لقوله ﷺ:"بين كل أذانين صلاة".