وبه قال:(حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا حبيب بن أبي ثابت) قيس بن دينار الأسدي الكوفي (قال: سمعت أبا العباس) السائب بن فرّوخ المكي الأعمى (الشاعر وكان لا يتهم في حديثه) قال ذلك لئلا يظن أنه بسبب كونه شاعرًا يتهم (قال: سمعت عبد الله بن عمرو) هو ابن العاصي (﵄ يقول: جاء رجل) هو جاهمة بن العباس بن مرداس كما عند النسائي وأحمد أو معاوية بن جاهمة كما عند البيهقي (إلى النبي ﷺ يستأذنه في الجهاد فقال) له ﵊:
(أحيٌّ والداك)؟ (قال: نعم). حيّان (قال): (ففيهما) أي الوالدين (فجاهد) الجار متعلق بالأمر قدّم للاختصاص والفاء الأولى جواب شرط محذوف والثانية جزائية لتضمن الكلام معنى الشرط أي إذا كان الأمر كما قلت فاخصصهما بالجهاد نحو قوله تعالى: ﴿فإياي فاعبدون﴾ [العنكبوت: ٥٦] أي إذا لم يتسهل لكم إخلاص العبادة في بلدة ولم يتيسر لكم إظهار دينكم فهاجروا إلى حيث يتمشى لكم ذلك فحذف الشرط وعوّض منه تقدّم المفعول المفيد للإخلاص ضمنًا وقوله فجاهد جيء به للمشاكلة، وهذا ليس ظاهره مرادًا لأن ظاهر الجهاد إيصال الضرر للغير وإنما المراد القدر المشترك من كلفة الجهاد وهو بذل المال وتعب البدن فيؤول المعنى: ابذل مالك وأتعب بدنك في رضا والديك.
والمطابقة بين الحديث والترجمة مستنبطة من قوله ففيهما فجاهد لأن أمره بالمجاهدة فيهما يقتضي رضاهما عليه ومن رضاهما الإذن له عند الاستئذان.
وفي حديث أبي سعيد عند أبي داود فارجع فاستأذنهما فإن أذناك فجاهد وإلاّ فبرّهما. وصححه ابن حبّان والجمهور على حرمة الجهاد إذا منعا أو أحدهما بشرط إسلامهما لأن برّهما فرض عين والجهاد فرض كفاية فإذا تعين الجهاد فلا إذن وهل يلتحق الجد والجدة بهما في ذلك؟ الأصح نعم لشمول طلب البرّ.