وبه قال:(حدّثنا محمد بن عبيد بن ميمون) التبان المدني قال: (حدّثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق أحد الأعلام في الحفظ والعبادة (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس (عن ابن مسعود) عبد الله (﵁) أنه (قال: كنت مع النبي ﷺ في حرث) بالحاء المهملة المفتوحة والراء الساكنة بعدها مثلثة زرع، ولأبي ذر عن الكشميهني: في خرب بخاء معجمة مكسورة وراء مفتوحة بعدها موحدة (بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب) بفتح العين وكسر السين المهملتين وبعد التحتية موحدة عصا من جريد النخل (فمرّ)ﷺ(بنفر من اليهود فقال بعضهم) زاد في الإسراء لبعض (سلوه عن الروح) الذي في الحيوان أي عن حقيقته (وقال بعضهم: لا تسألوه لا يسمعكم) بضم أوله والجزم على النهي والرفع على الاستئناف (ما تكرهون) أي إن لم يفسره لأنهم قالوا إن فسره فليس بنبي وإن لم يفسره فهو نبي وقد كانوا يكرهون نبوّته (فقاموا إليه فقالوا: يا أبا القاسم حدّثنا) بكسر الدال والجزم (عن الروح فقام)ﷺ(ساعة ينظر) قال ابن مسعود (فعرفت أنه يوحى إليه فتأخرت عنه) خوفًا أن يتشوّش بقربي (حتى صعد الوحي) بكسر العين المهملة (ثم قال)﵊.
(﴿ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي﴾ [الإسراء: ٨٥]) مما استأثر بعلمه. وعن أي بريدة لقد مضى النبي ﷺ وما يعلم الروح ولقد عجزت الأوائل عن إدراك ماهيته بعد إنفاق الأعمار الطويلة على الخوض فيه والحكمة في ذلك عجز العقل عن إدراك مخلوق مجاور له ليدل على أنه عن إدراك خالقه أعجز ولذا ردّ ما قيل في حدّه إنه جسم رقيق هوائي في كل جزء من الحيوان وقوله: ويسألونك بإثبات الواو في الفرع كأصله وفي بعض النسخ بحذفها فقال بعضهم: التلاوة بإثباتها يعني أن هذا مما وقع في البخاري من الآيات المتلوّة على غير وجهها. قال البدر الدماميني في مصابيحه: ليس هذا من قبيل المغير لأن الآية المقترنة بحرف عطف يجوز عند حكايتها أن تقرن بالعاطف وأن تخلى عنه نص على جواز الأمرين الشيخ بهاء الدين السبكي في شرح مختصر ابن الحاجب مثال الأول ما أجد لي ولكم مثالاً إلا كما قال العبد الصالح فصبر جميل إلى غير ذلك ومثال الثاني قوله ﵊ حين سئل عن الخمر ما أنزل عَليّ فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة ﴿من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره﴾ [الزلزلة: ٧، ٨] قال وقد أشبعنا الكلام على ذلك في حاشية المغني فليراجع منها.
٤ - باب الاِقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِ النَّبِيِّ ﷺ-
(باب الاقتداء بأفعال النبي ﷺ) واجب لعموم قوله تعالى: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه﴾