النسخ أغلاقنا بالمعجمة وكذا وجد مضبوطًا بخط الحافظ الشرف الدمياطي، لكن قال السفاقسي: لا أعلم له وجهًا. قال في فتح الباري: ويمكن توجيهه بأن الإغلاق جمع غلق بفتحتين وهو ما يغلق ويفتح بالمفتاح، والغلق أيضًا الباب فالمعنى يسرقون مفاتيح الإغلاق ويفتحون الأبواب ويأخذون ما فيها، أو المعنى يسرقون الأبواب وتكون السرقة كناية عن قلعها وأخذها ليتمكنوا من الدخول فيها.
(قال) حذيفة (أولئك) أي الذين يبقرون ويسرقون (الفساق) أي لا الكفار ولا المنافقون (أجل) أي نعم (لم يبق منهم إلا أربعة أحدهم شيخ كبير) لم يعرف اسمه (لو شرب الماء البارد لما وجد برده) لذهاب شهوته وفساد معدته بسبب عقوبة الله له في الدنيا فلا يفرق بين الأشياء.
(باب قوله)﷿(﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقولها في سبيل الله﴾) والذين بالواو استئنافية مبتدأ ضمن معنى الشرط ودخلت الفاء في خبره وهو قوله: (﴿فبشرهم بعذاب أليم﴾)[التوبة: ٣٤] لذلك ووحد الضمير والسابق شيئان الذهب والفضة لأنه يعود على المكنوزات وهي أعم من النقدين أو عودًا إلى الفضة لأنها أقرب مذكور، واكتفى ببيان حال صاحبها عن بيان حال صاحب الذهب، أو لأن الفضة أكثر انتفاعًا في المعاملات من الذهب وتخصيصهما بالذكر مع أن غيرهما إن لم تؤد زكاته كأموال التجارة يعذب صاحبه لكونهما ثمنًا له في الغالب، وأصل الكنز الجمع وكل شيء جمع بعضه إلى بعض فهو مكنوز، وأكثر علماء الصحابة على أن الكنز المذموم هو المال الذي لا تؤدى زكاته.
وروي عن عمر بن الخطاب ﵁ أيما مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونًا في الأرض وأيما مال لم تؤد زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه وإن كان على وجه الأرض، وقيل: المال الكثير إذا جمع فهو الكنز المذموم وإن أديت زكاته، واستدلّ له بعموم اللفظ، وقوله ﵊ المروي في حديث علي عند عبد الرزاق ولفظه عن عليّ في قوله تعالى: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة﴾ الآية قال النبي ﷺ: "تبًّا للذهب تبًّا للفضة" يقولها ثلاثًا. قال: فشق ذلك على أصحابه وقالوا: فأي مال نتخذ؟ فقال عمر ﵁: أنا أعلم لكم ذلك فقال: يا رسول الله إن أصحابك قد شق عليهم ذلك وقالوا: فأي المال نتخذ؟ قال:"لسانًا ذاكرًا وقلبًا شاكرًا وزوجة تعين أحدكم على دينه" ويمكن أن يجاب بحمل ذلك على ترك الأولى لا أنه يعذب الإنسان على مال جمعه من حل وأخرج عنه حق الله تعالى، وقد قال ﵊"نعم المال الصالح للرجل الصالح" وسقط باب قوله لغير أبي ذر.