مالك في موطئه بلاغًا عن علي وابن عباس وهو مذهب مالك ونص عليه الشافعي محتجًا بقوله تعالى: ﴿وقوموا لله قانتين﴾ [البقرة: ٢٣٨] والقنوت عنده في صلاة الصبح، وقيل هي الظهر لحديث زيد بن ثابت عند أحمد كان رسول الله ﷺ يصلّي الظهر بالهاجرة ولم يكن يصلّي صلاة أشد على أصحابه منها فنزلت ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾ وقال: إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين. ورواه أبو داود في سننه من حديث شعبة وقيل: هي المغرب ففي حديث ابن عباس عند ابن أبي حاتم بإسناد حسن قال، الصلاة الوسطى: هي المغرب واحتج لذلك بأنها معتدلة في عدد الركعات ولا تقصر في السفر، وبأن قبلها صلاتي سر وبعدها صلاتي جهر، وقيل: هي العشاء واختاره الواحدي ونقله القرطبي والسفاقسي واحتج له بأنها بين صلاتين لا تقصران. وقيل: هي واحدة من الخمس لا بعينها وأبهمت فيهن كليلة القدر في الحول أو الشهر أو العشر، واختاره إمام الحرمين وقيل: مجموع الصلوات الخمس رواه ابن أبي حاتم عن ابن عمر.
قال الحافظ ابن كثير: وفي صحته نظر والعجب من اختيار ابن عبد البر له مع اطلاعه وحفظه وأنها لإحدى الكبر إذا اختار مع اطلاعه وحفظه ما لم يقم عليه دليل. وقيل: الصبح والعشاء لما في الصحيح أنهما أثقل الصلاة على المنافقين، وقيل الصبح والعصر لقوّة الأدلة في إن كلاًّ منهما قيل إنه الوسطى فظاهر القرآن الصبح ونص الحديث العصر وقيل غير ذلك. قال ابن كثير: والمدار ومعترك النزاع في الصبح والعصر، وقد بينت السنّة أنها العصر فتعين المصير إليها، وقد جزم الماوردي بأن مذهب الشافعي أنها العصر وإن كان قد نص في الجديد أنها الصبح لصحة الأحاديث أنها العصر لقوله إذا صح الحديث وقلت قولاً فأنا راجع عن قولي وقائل بذلك، لكن قد صمم جماعة من الشافعية أنها الصبح قولا واحدًا.
٤٣ - باب ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ أيْ مُطِيعِينَ
(باب) قوله تعالى: (﴿وقوموا لله﴾) في الصلاة حال كونكم (﴿قانتين﴾ أي مطيعين) كذا فسره ابن مسعود وابن عباس وجماعة من التابعين فيما ذكره ابن أبي حاتم وقيل خاشعين ذليلين مستكنين بين يديه ساكتين. وقال ابن المسيب: المراد به القنوت في الصبح وسقط أي لغير أبي ذر.
وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن إسماعيل بن أبي خالد) الأحمسي مولاهم البجلي (عن الحرث بن شبيل) بضم المعجمة وفتح الموحدة آخره لام مصغرًا (عن أبي عمرو) بفتح العين سعد بن إياس (الشيباني) بفتح الشين