(أخبرنا ابن بلال يعني سليمان) السابق في باب أمور الإيمان (عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس)﵄(أنه توضأ فغسل وجهه) من باب عطف المفصل على المجمل ثم بين الغسل على وجه الاستئناف فقال: (أخذ غرفة من ماء فمضمض بها) وفي رواية الأصيلى وابن عساكر فتمضمض بها (واستنشق ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى) أي جعل الماء الذي في يده في يديه جميعًا لكونه أمكن في الغسل لأن اليد قد لا تستوعب الغسل وسقط للأصيلي وابن عساكر من ماء (فغسل بها وجهه) أي بالغرفة وللأصيلي وكريمة فغسل بهما أي باليدين وظاهر قوله: إنه توضأ فغسل وجهه مع قوله أخذ غرفة أن المضمضة، والاستنشاق بغرفة من جملة غسل الوجه، لكن المراد بالوجه أوّلاً ما هو أعمّ من المفروض والمسنون بدليل أنه أعاد ذكره ثانيًا بعد ذكر المضمضة والاستنشاق بغرفة مستقلة. (ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء) أيضًا (فغسل بها يده اليسرى ثم مسح برأسه) بعد أن قبض قبضة من الماء ثم نفض يده كما في رواية أبي داود مع زيادة مسح أُذنيه ففي الحديث هنا حذف دلّ عليه ما رواه أبو داود. (ثم أخذ غرفة من ماء فرش) أي صب الماء قليلاً قليلاً (على رجله اليمنى حتى) أي إلى أن (غسلها) والرش قد يراد به الغسل، ويؤيد قوله هنا حتى غسلها والرش القوي يكون معه الإسالة وعبّر به تنبيهًا على الاحتراز عن الإسراف لأن الرجل مظنته في الغسل (ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله يعني اليسرى) وفي رواية أبوي ذر والوقت فغسل بها يعني رجله اليسرى والقائل يعني زيد بن أسلم أو من هو دونه من الرواة. (ثم قال) أي ابن عباس (هكذا رأيت رسول الله) ولأبي الوقت النبي (ﷺ يتوضأ) حكاية حال ماضية، وفي رواية ابن عساكر توضأ، وفي هذا الحديث دليل الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة المحكي في الكفاية عن نصه في الأم، وهو يحتمل وجهين أن يتمضمض منها ثلاثًا ولاء ثم يستنشق كذلك، وأن يتمضمض ثم يستنشق ثم يفعل كذلك ثانيًا وثالثًا، وأولى الكيفيات أن يجمع بين ثلاث غرفات يتمضمض من كل واحدة ثم يستنشق، فقد صح من حديث عبد الله بن زيد وغيره وصححه النووي وتأتي بقية الكيفيات إن شاء الله تعالى في باب المضمضة في الوضوء.
٨ - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ الْوِقَاعِ
هذا (باب التسمية على كل حال وعند الوقاع) بكسر الواو أي الجماع وهو من عطف الخاص على العام للاهتمام به، والحديث الذي في ساقه هنا شاهد للخاصّ لا للعامّ، لكن لما كان حال الوقاع أبعد حال من ذكر الله تعالى ومع ذلك سنّ التسمية فيه. ففي غيره أولى، ومن ثم ساقه المؤلف هنا لمشروعية التسمية عند الوضوء ولم يسق حديث لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه مع كونه أبلغ في الدلالة لكونه ليس على شرطه بل هو مطعون فيه.